للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستفاد من الاستدلال على مشروعية المرابحة بالأدلة العامة، بأن الموضوع يدخل بصورة كبيرة في دائرة الاجتهاد الذي يجب أن يراعي إلى جانب الالتزام بالقواعد الشرعية العامة، ظروف الحال المتغيرة، وبذلك فإن التطبيق المعاصر لبيوع المرابحة يجب أن يراعي الظروف الحالية والتي من أهمها أن العملية تتم بين مؤسسات كبيرة وليس في نطاق المعاملات الفردية التي كانت موجودة في زمن الفقهاء القدامى، هذا إلى جانب التطور الكبير الذي لحق بالأنشطة الاقتصادية، وهذا ما يلزم على المجتهدين المعاصرين مراعاته دون التقيد الحرفي بكل ما قاله الأولون رغم أهميته.

جـ – شروط المرابحة: توجد عدة شروط للمرابحة ذكرها الفقهاء القدامى من أهمها:

١- أن يكون الثمن الأول معلومًا لطرفي العقد، وكذلك ما يحمل عليه من تكاليف أخرى.

٢- أن يكون الربح محددًا مقدارًا أو نسبة من الثمن الأول.

٣- أن يكون الثمن الأول من ذوات الأمثال.

٤- أن يكون العقد الأول صحيحًا.

إلى غير ذلك من الشروط المذكورة تفصيلًا في كتب الفقه. (١)

د- صور المرابحة: يمكن أن تتم المرابحة بإحدى صورتين عرفهما الفقه قديمًا وهما:

١- الصورة الأولى: ويمكن أن يطلق عليها الصورة العامة أو الأصلية وهي أن يشتري شخص ما سلعة بثمن معين ثم يبيعها لآخر بالثمن الأول وزيادة ربح، فهو هنا يشتري لنفسه دون طلب مسبق ثم يعرضها للمبيع مرابحة.

٢- الصورة الثانية: وهي ما يطلق عليها حديثًا اصطلاح " بيع المرابحة للآمر بالشراء " وكيفيتها: أن يتقدم شخص إلى آخر ويقول له: اشتر سلعة معينة موجودة –أو يحدد أوصافها- وسوف أشتريها منك بالثمن الذي تشتريها به وأزيدك مبلغًا معينًا أو نسبة من الثمن الأول كربح، وهذه الصورة وإن كانت تسميتها بالبيع مرابحة للآمر بالشراء من إطلاق الفقهاء المعاصرين إلا أن كيفيتها وردت لدى الفقهاء القدامى كما جاء في كتاب الأم للشافعي ما نصه: "وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال اشتر هذه وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز ... " ثم يقول: "وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا - ووصفه - أو متاعًا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء يجوز البيع.." (٢)


(١) يراجع في ذلك: ابن قدامة المغني مرجع سابق جـ ٤ ص ١٩٨ وما بعدها، ابن رشد – بداية المجتهد ونهاية المقصد – دار الكتب العربية – جـ ٢ ص ٢٧٣ وما بعدها، الشربيني الخطيب – مغني المحتاج – مطبعة مصطفى الحلبي جـ ٢ ص ٧٦ وما بعدها.
(٢) الإمام الشافعي – الأم- الدار المصرية للتأليف والترجمة جـ ٣ ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>