ولا تختلف طبيعة عمل البنوك الإسلامية (١) وفق هذا التصور عن غيرها في كونها تقوم بالوساطة المالية بين الادخار والاستثمار، غير أن هذه الطبيعة تقتضي أن تكون البنوك الإسلامية بنوك استثمار وأعمال حيث تقوم بمباشرة الأنشطة الاقتصادية المختلفة بنفسها بصور عديدة ومنها صورة بيوع المرابحة التي تعني شراء وبيع السلع بربح محدد، وبالتالي يمكن القول أن عملية المرابحة لا تتناقض مع طبيعة عمل المصارف الإسلامية بل على العكس هي من أنسب صور توظيف الأموال بها، كما أن دور البنك في هذه العملية ليس التمويل فقط، وإن كان التمويل لا يمنع من كون العملية تجارة أيضًا، لأن الحكمة من بيوع المرابحة تتحدد في الآتي:
١- أن المشتري مرابحة لا تكون لديه الخبرة في الشراء، وبذلك يعهد إلى غيره ممن له خبرة لشرائها ثم يبيعها له مرابحة.
٢- أن المشتري مرابحة لا تكون لديه القدرة التنظيمية لإتمام عملية الشراء.
٣- أن المشتري مرابحة لا تكون لديه القدرة التمويلية لتمويل عملية الشراء فورًا.
٤- تقليل المخاطر على المشتري مرابحة خلال فترة الشراء الأول من المورد. وإحضار السلعة فإنه وإن كان لا يمكن القول بأن البنك الإسلامي أكثر خبرة من المشتري، خاصة إذا كان الأخير يعمل أو يتاجر في السلعة، فإنه بالتأكيد يقدم خدمات أخرى لإتمام العملية مثل تحمل المخاطر خلال فترة الشراء الأول ومباشرة العملية من خلال أجهزته بالإضافة إلى تمويل العملية، ولكل ذلك فهو ليس ممولًا للعملية فقط، وإنما يمارس الدور التجاري، وما يستحق من ربح ليس فقط لتقديم الأموال كالبنوك الربوية وإنما أيضًا لما يقوم به من دور في إتمام الصفقة.
ب- حجم عمليات المرابحة في البنوك الإسلامية: تأكيدًا لتناسب عمليات المرابحة مع طبيعة عمل البنوك الإسلامية فإنها تقوم بها على نطاق واسع في جميع أنواع السلع ومن مصادر محلية وأجنبية وبمبالغ كبيرة، فلقد ظهر من الإجابات على استمارة الاستقصاء ما يلي:
١- أن عمليات المرابحة تتم على منقولات من أغذية وسيارات وبضائع مختلفة كما تتم على عقارات في بعض الأحيان.
٢- أن نسبة مصدر البضائع تتراوح بين ٣٠ % إلى ٩٠ % مصادر محلية وبين ٧٠ % إلى ١٠ % مصادر أجنبية.
٣- أن نسبة عمليات المرابحة إلى مجموع عمليات التوظيف الأخرى بالبنوك تتراوح بين ٩٠ % وبين ٦٥ % سواء من حيث عدد العمليات أو المبالغ الموظفة.
(١) من المهم الإشارة إلى أن البنوك الإسلامية تختلف عن غيرها في علاقتها بالمدخرين والمستثمرين حيث تقوم هذه العلاقة على قاعدة المشاركة وليس قاعدة الاقتراض والإقراض بفائدة ربوية.