للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ – الخصم (الحسم) أو الحط من الثمن الأول: وكيفيته أن يسمح المورد للبنك بخصم جزء من ثمن الشراء الأول وهو ما يعرف محاسبيا بالخصم بنوعيه؛ (تجاري ونقدي) ، فهل عند البيع مرابحة يذكر الثمن الأول قبل الخصم أو بعده؟

- من الناحية التطبيقية أفادت البنوك في إجاباتها على ذلك بأن بعضها لا تأخذ بالخصم (بنوعيه) في الاعتبار عند تحديد الثمن، والبعض الآخر أفاد بأنه يأخذ الخصم التجاري فقط، بينما هناك فريق ثالث أفاد بأنه يأخذ كلا الخَصْمَين في الاعتبار.

- من الناحية الشرعية يدور الرأي الفقهي في هذه المسألة وفق الآتي (١) :

* الرأي الأول: البائع (البنك) مخير بين أن يحط من الثمن الأول ما حط بائعها عنه فإن اختار الحط لزمت المشتري مرابحة، وإن لم يختر فالمشتري مرابحة بالخيار وهذا هو رأي المالكية.

* الرأي الثاني: يرى أن العبرة في ذلك بوقت الخصم أو الحط، فإذا وقع الحط قبل لزوم العقد الأول - أي في فترة الخيار - فيلزم أن يخصم من الثمن عند البيع مرابحة، وإن وقع الحط بعد لزوم العقد الأول فلا يخصم من الثمن الأول؛ لأنه تبرع لا يقابله عوض فلم يتغير الثمن، وهذا هو رأي الشافعية والحنابلة والحنفية.

وتفسير هذا الرأي باللغة المحاسبية المعاصرة أن الخصم التجاري يؤخذ في الاعتبار بخلاف الخصم النقدي، وهذا تخريج سليم؛ لأن الخصم التجاري محاسبيا هو في حقيقته تعديل لسعر البيع، أما الخصم النقدي محاسبيا أو مسألة " ضع وتعجل" فقهيا فهي تتعلق بالدَّيْنِ الناتج عن الثمن، وعادة لا تعرف قيمته إلا عند السداد الذي قد يكون بعد البيع مرابحة.

العنصر الثاني: (من عناصر ثمن البيع مرابحة) المصروفات: من المعروف أن البنك يتكلف بعض المبالغ لشراء السلعة بخلاف ثمن شرائها، ويلزم لكي يحقق ربحا من هذه العملية أن يغطي ثمن البيع هذه التكاليف بالإضافة إلى ثمن الشراء الأول وهذا هو المقرر شرعا، وما يحدث في التطبيق العملي على خلاف حول ماهية التكاليف التي تضاف وفقا للآتي:

- بالنسبة للواقع التطبيقي: بالاطلاع على عقود المرابحة وإجابات البنوك على استمارة الاستقصاء اتضح ما يلي:

١ – بعض البنوك تضيف على الثمن الأول جميع المصروفات المباشرة على العملية مثل مصاريف وعمولة فتح الاعتماد المستندي والنقل والشحن والرسوم الجمركية والتأمين، أي كل ما يدفع ويتحمله البنك متعلقا بهذه الصفقة.

٢ – بعض البنوك تضيف إلى الثمن الأول المصروفات السابقة ما عدا الرسوم الجمركية ومصاريف نقل البضاعة من ميناء الوصول إلى مخازن المشتري على أساس أن مكان التسليم هو ميناء الوصول، وبالتالي فكل ما يحدث من مصروفات بعد ذلك تقع على عاتق المشتري، ولو دفعها البنك نيابة عنه فإنها تُحَصَّل من المشتري كما هي دون إضافتها للثمن الأول أو احتساب ربح عليها.

وهذان الأسلوبان يتشابهان باعتبار أن من يحسب الرسوم الجمركية، ومصاريف النقل إلى مخازن المشتري على أساس أن البنك يدفعها، ويبذل مجهودا في إتمام هذه العمليات، وبالتالي فإنه يكون لها حظ من الربح، وأما من لا يحسبها فيبني ذلك على أن البنك لا يتحمل بها بل يدفعها المشتري، هذا مع ضرورة الإشارة إلى أن إضافة مصروفات التأمين ضمن المصروفات التي تحمل على المشتري أمر فيه نظر وقد سبق بيانه.


(١) ابن قدامة – المغني – مرجع سابق ص٢٠٠ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>