للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنظر في هذه المعالجة بشقيها محاسبيًا وشرعيًا يمكن القول بالآتي:

- من الناحية المحاسبية طبقًا لسياسة الحيطة والحذر والتي تقضي بأخذ الخسائر المحتملة في الحسبان فإنه يستحسن أن يكون مخصص بالأرباح التي لم تتحقق، وهي هنا عبارة عن الأرباح المحتسبة على المبالغ غير المحصلة توقعًا لتوقف المدينين عن الدفع، وهذا ما يتبع في البيع بالتقسيط ويتفق ذلك مع الرأي الثاني، وإن كان هذا لا يمنع أن بعض المحاسبين يأخذون بالرأي الأول.

ومن الناحية الشرعية يوجد رأيان:

الرأي الأول: قال به المستشار الشرعي للبنك الإسلامي الأردني (١) ويرى الأخذ بالمعالجة الأولى على اعتبار أن الربح تحقق في سنة البيع وبالتالي يقيد كله فيها بناء على أن العبرة بتحقق الربح، وأن باقي الثمن في حالة التأجيل يعتبر دينًا على المشتري ولا علاقة له بالربح.

الرأي الثاني: ونراه نحن استنادًا إلى القواعد الفقهية التالية:

- أن هناك فرقًا في الربح بين مراحل ثلاث، تولده، وتحققه أو ظهوره، وتوزيعه.

- فالربح كنماء للمال يولد أو يحدث حتى ولو لم يوجد بيع وهذا ما عليه فقه الزكاة في النظر للنماء كشرط من شروط المال المزكى على أنه نماء حقيقة أو حكما، فعلًا أو بالقوة، أما البيع فإنه يظهر الربح ويحققه وليس شرطًا لحدوثه.

- أما توزيع الربح واقتسامه فإنه في فقه المضاربة والتي تعمل البنوك الإسلامية وفق أحكامه في علاقتها بأصحاب حسابات الاستثمار باعتبار البنك مضاربًا وهم أرباب أموال، فالرأي الفقهي (٢) على أنه لا بد من نض المال أي تحويله من عروض تجارة إلى نقود كشرط لتوزيع الربح، ولا شك أن باقي الثمن على عملاء المرابحة ليس نقودًا، ولذلك لا توزع الأرباح الناتجة عن عملية المرابحة إلا بعد التحصيل النقدي.

وهذا الرأي يتفق مع سابقه في أن الربح تحقق في سنة البيع ولكننا بصدد قضية توزيعه بين المضارب (البنك) وأرباب الأموال الأمر الذي يقضي بأن يظهر الربح في سنة تحققه ولكن لا يوزع منه إلا بمقدار ما حصل وهذا هو جوهر المعالجة الثانية بإثبات الأرباح في سنة ١٩٨٥، ثم يرحل منه إلى حـ/ أ. خ الاستثمار الخاص بها ما يقابل المبلغ المحصل ويجنب الباقي في حساب دائن للسنوات التالية.

وفي النهاية أرجو أن أكون وفقت في عرض الموضوع بصورة يستفاد منها في ترشيد عمل البنوك الإسلامية وأقرر أن هذا جهدًا بشريًّا يعتريه القصور ويشوبه الخطأ وحسبي صدق النية في أنني أريد به وجه الله وإعلاء كلمة الإسلام.

والحمد لله أولًا وأخيرًا ...

د. محمد عبد الحليم عمر

تجارة الأزهر


(١) الفتاوى الشرعية – مرجع سابق ص ٣٦- ٤٠
(٢) ابن رشد – بداية المجتهد ونهاية المقتصد – مرجع سابق جـ ٢ ص ٣٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>