وقد بينت لكم في هذه الجلسة أيضا أن التمييز بين تأمين تعاونى وتجاري لا سند له، فكل التأمين قائم على فكرة التعاون على تفتيت الأضرار وترميمها ونقلها عن رأس المصاب وتوزيعها على أكبر عدد ممكن بين عدد قليل من الأشخاص الذين تجمعهم حرفة صغيرة –أو سوق- ويتعرضون لنوع من الأخطار فيساهمون في تكوين صندوق مشترك حتى إذا أصاب أحدهم الخطر والضرر عوضوه عنه من الصندوق الذى هو أيضا مساهم فيه هذا النوع الذى يسمى في الاصطلاح تبادليًا وسميتموه (تعاونيًا) لا تحتاج إدارته إلى متفرغين لها ولا إلى نفقات إدارة وتنظيم وحساب الخ..
فإذا كثرت الرغبات في التأمين وأصبح يدخل فيه الألوف –عشراتها أو مئاتها أو آلافها- من الراغبين وأصبح يتناول عددًا كبيرًا من أنواع الأخطار المختلفة فإنه عندئذ يحتاج إلى إدارة متفرغة وتنظيم ونفقات كبيرة من أجور محلات وموظفين ووسائل آلية وغير آلية الخ.. وعندئذ لابد لمن يتفرغون لإدارته وتنظيمه من أن يعيشوا على حساب هذه الإدارة الواسعة كما يعيش أي تاجر أو صانع أو محترف أو موظف على حساب عمله.
وعندئذ لابد من أن يوجد فرق بين الأقساط التى تجبى من المستأمنين وبين ما يؤدى من نفقات وتعويضات للمصابين عن أضرارهم لتربح الإدارة المتفرغة هذا الفرق وتعيش منه كما يعيش التاجر من فرق السعر بين ما يشترى ويبيع.
ولتحقيق هذا الربح يبنى التأمين الذى أسميتموه تجاريًا على حساب إحصاء دقيق لتحديد القسط الذى يجب أن يدفعه المستأمن في أنواع من الأخطار. هذا هو الفرق الحقيقى بين النوعين. أما المعنى التعاونى فلا فرق فيه بينهما أصلًا من حيث الموضوع.