للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث

مشكلات وقضايا، وآفاق جديدة في عقد المرابحة وحلول مقترحة:

٣-١- قياس التكلفة في عقد المرابحة بين مبدأ التحميل الشامل، ومبدأ التحميل الجزئي الذي نادى به فقه المالكية (١)

٣-١-١- الرأي الأول: مبدأ التحميل الشامل في بيع المرابحة:

يرى جمهور الفقهاء – عدا المالكية – قياس التكلفة التي يحتسب عليها نسبة الربح أو يضاف إليها مبلغ الربح، وصولا إلى تحديد ثمن بيع السلعة بأسلوب بيع المرابحة على أساس مبدأ التحميل الشامل للسلعة بنصيبها من كل عناصر التكاليف- أي التكلفة الكلية – ويعبر الفقهاء عن ذلك بقولهم " بل يجعل على السلعة كل ما نابه عليها" وهذا هو المعمول به في بنوك فيصل الإسلامية أي أنه بلغة العصر يضاف إلى تكلفة الشراء جميع بنود وعناصر التكاليف الصناعية والتسويقية والإدارية وصولا إلى تحديد التكلفة الكلية.

٣-١-٢- الرأي الثاني: مبدأ التحميل الجزئي في بيع المرابحة في الفقه الإسلامي عند المالكية:

ويحدثنا ابن رشد الحفيد المتوفي سنة ٤٩٥هـ – ١١٧٦م (٢) فيقول: " بيع المرابحة هو أن يذكر البائع الثمن الذي اشترى به السلعة ويشترط فيه ربحا، وحاصل مذهب مالك فيما يعد في الثمن- أي الكلفة – مما لا يعد أن ما ينوب البائع على السلعة زائدا على الثمن من الكلف والمؤن – أي من عناصر وبنود التكاليف ينقسم ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما يعد في أصل الثمن ويكون له حظ من الربح:

أو بلغة العصر " تكلفة الشراء أو تكلفة الإنتاج " أي التكلفة الصناعية التي يعبر عنها ابن رشد الحفيد بقوله: " ما كان مؤثرا في عين السلعة وله عين قائمة مثل الخياطة، والفتل، والصبغ، فإنه بمنزلة الثمن الأول ويحسب له ربح ".

القسم الثاني: ما يعد في أصل الثمن ولا يكون له حظ من الربح:

ويعبر عنه ابن رشد الحفيد بقوله " وهو ما لا يؤثر في عين السلعة مما لا يمكن للبائع أن يتولاه بنفسه، وتحمل المباع من بلد إلى بلد، وكراء البيوت- أي المخازن – التي توضع فيها، فإنه يحسب في أصل الثمن – أي التكلفة – ولا يحسب له ربح "

وعلى هذا فإنه على المذهب المالكي لا يحتسب ربح وصولا لتحديد ثمن البيع بالمرابحة على تكاليف التسويق، وتكاليف الإدارة وإن كانت تدخل ضمن عناصر التكلفة. وفي ذلك يقول ابن عابدين: لأنها ليست هي الغرض الأساسي.

القسم الثالث: ما لا يعد في أصل الثمن – أي التكلفة – ولا يكون له حظ من الربح:

ويعبر عنه ابن رشد الحفيد بقوله " وهو ما لا تأثير له في عين السلعة مما يمكن أن يتولاه التاجر صاحب السلعة بنفسه كالسمسرة والطي والشد، وكل ما يتولاه بنفسه مما يختص بالمتاع – أي بالسلعة – لا يحسب في التكلفة "

أي أنه بلغة العصر لا تتضمن بنود التكلفة أي مقابل لعمل صاحب المنشأة في منشأته، وبالتالي فإن الفكر الإسلامي المحاسبي يرى عدم احتساب أي نفقات أو بنود افتراضية ضمن عناصر التكاليف.


(١) د. شوقي إسماعيل – "نظرية المحاسبة المالية من منظور إسلامي" – ١٤٠٧هـ – ١٩٨٧م الزهراء للإعلام العربي – القاهرة – "البنوك الإسلامية" – ١٣٩٧هـ – ١٩٧٧م. دار الشروق – جدة.
(٢) "بداية المجتهد ونهاية المقصد"

<<  <  ج: ص:  >  >>