للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقترح طريقة ثالثة وهي تخريج تعويض البنك عن التأخير في الوفاء بالدين على أساس مضاربة المثل، فالمدين الذي يحبس الدين عن الدائن عند حلول الأجل دون عذر شرعي وهو ممن يمارسون التجارة ويعملون في مجال الاستثمار يكون قد استثمر مبلغ الدين دون اتفاق فيلزمه حصة رأس المال في الربح، كما فعل عمر بن الخطاب مع ولديه عندما اقترضا مالًا من أبي موسى الأشعري دون وجه حق لأن أبا موسى لم يقرض غيرهما.

وأقترح طريقة رابعة وهي على أساس التعزير بأخذ المال ممن ارتكب معصية لا حد فيها ولا كفارة وإعطائه لمن أصابه ضرر من جراء ذلك.

ولقد ثبت التعزير بأخذ المال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مطل الغني ظلم)) ، "والعقوبة تجوز بأخذ المال وإعطائه للمضَّرِّر".

وهذا الأساس لا ينظر في التعويض إلى ما حققه المدين المماطل من كسب أو ربح الامتناع عن الوفاء بالدين بل ينظر إلى أن التأخير كان معصية تكون جريمة تعزيرية وإن كان هناك شخص تضرر من هذه المعصية.

ويمكن أن يعهد بتقدير هذا التعويض على هذا الأساس بواسطة لجنة التحكيم دون النص عليه في العقد بهذا التكييف إذ أن التعزير لا يملكه إلا ولي الأمر ونحن نحكم بالتعويض على هذا الأساس الشرعي دون حاجة إلى ذكره في العقد.

والخلاصة هي جواز النص على تعويض البنك عن الأضرار التي تلحق به بسبب عدم قيام المدين بالوفاء بالدين عند حلول الأجل ما لم يكن هذا التأخير قد حدث بسبب لابد له فيه ولا يستطيع له دفعًا، أما تقدير التعويض فيؤخذ فيه بأحد المعيارين إما مقدار ما حصل المدين من ربح في مشروعاته وإما مقدار الضرر الذي وقع على البنك ويترك ذلك للجنة التحكيم وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وتستطيع اللجنة أن تؤسس حكمها على أحد الاعتبارات السابقة. (١)


(١) يلاحظ أن جميع الحلول المقدمة لم تتضمن اقتراح بتقدير ما لحق الدائن من ضرر الخسائر بتأخير المدين عن الدفع بطريق الاتفاق "حيث إن طريق الاتفاق على مقدار ضرر الدائن من تأخير الوفاء له محذور كبير. حيث إنه قد يصبح ذريعة لربا مستور بتواطؤ بين الدائن والمدين بأن يتفقا في القرض على فوائد زمنية ربوية ثم يعقد القرض لمدة قصيرة وهما متفاهمان على أن لا يدفع المدين القرض في ميعاده لكي يستحق عليه الدائن تعويض تأخير متفق عليه مسبقًا يعادل سعر الفائدة وذلك لا يجوز إذا أقرت فقهيًّا فكرة التعويض عند ضرر التأخير أن يحدد هذا التعويض باتفاق مسبق بل يجب أن يناط تقدير التعويض بالقضاء تقدره المحكمة عن طريق لجنة خبراء محلفين لكيلا يتخذ تقدير التعويض بالاتفاق المسبق ذريعة لفوائد ربوية مستورة". - انظر تفصيلات ذلك في المرجع التالي:- - مصطفى أحمد الزرقا – هل يقبل شرعًا الحكم على المدين المماطل بالتعويض على الدائن؟ – مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي – العدد الثاني- ١٩٨٥، ص ٨٩ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>