للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم من قال بأن الإضرار بالبنك الإسلامي يكون مقبولًا شرعًا؟ فإذا أمر المتعامل البنك بشراء آلة لا يحتاجها غيره وجاء له البنك بالآلة حسب ما طلب ثم عن له أن يخلف الوعد، فهل يكون هذا الخلف بالوعد حلالًا، وإذا كان ذلك يجوز فمن يجبر الضرر الذي يتعرض له البنك بسبب هذا النكول الذي ليس له ما يبرره؟

وبالغ بعضهم في القول بأن هذه المعاملة لم يقل بها أحد من السابقين وكأن شرع الله يلقي الحجر على العقول مع أنه الدين الذي يعطى للمجتهد أجرًا إذا أخطأ وأجرين إذا أصاب.

ورغم أن النقد والاعتراض صفة من صفات الإنسان بوجه عام إلا أن محاولة فرض الآراء الضيقة من أجل التضييق على الناس أمر لا يجوز في دين الله الذي رفع به الحرج، وأن هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا من أفهامهم الضيقة موازين لمصالح الناس دون أن يرتفعوا بهذه الأفهام إلى مقاصد الشرع وغاياته ومراميه هم أناس ظالمون لأنفسهم أولًا وظالمون لأمتهم المتطلعة للصعود إلى المجد من جديد.

لقد كانت البنوك الربوية متفردة في الساحة لإجبار الناس على التعامل بالربا طوعًا وكرهًا وكان هؤلاء المدعون بحماية الإسلام والمسلمين نائمين على الطريق وليس من عمل إلا أنهم يحوقلون. (١) فلما جاء الفكر الإسلامي المستنير يفتح الطريق للعمل الحلال ويحل المشاكل ويقدم الحلول قام هؤلاء النفر ينقدون ويجرحون، فلا هم جاهدوا من قبل ولا تركوا المجاهدين يقاتلون بأي جهد.

ونظرًا لكثرة ما تعرض له بيع المرابحة للآمر بالشراء من هجوم فقد تصدى الأستاذ الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي لكل ما يقال من ادعاءات حول هذا التعامل بالصورة التي تقوم بها البنوك الإسلامية وأصدر بذلك كتابًا شاملًا يتضمن الرد على الشبهات المثارة فجزاه الله خيرًا. (٢)


(١) الحوقلة – هي القول المعروف لا حول ولا قوة إلا بالله.
(٢) انظر – يوسف القرضاوي – بيع المرابحة كما تجريه المصارف الإسلامية (الكويت دار القلم، ١٩٨٤) الطبعة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>