٢ / سادسا: تعليق مختصر على تطبيق عقود المشاركة الرابحة في قطاع البنوك الباكستاني.
تحتاج روح استبدال التمويل المبنى على المشاركة في الربح والخسارة بالتمويل المبنى على الفائدة إلى عنصرين أساسيين:
أ – الغنم بالغرم، أي أنه لا يحق لأي طرف في الاتفاقية أن ينال مغنما دون أن يتعرض للخسارة أو يتحمل مغرما.
ب – التساوي والتوازي، أي أنه لا ينال أي طرف في الاتفاقية فائدة لا يستحقها بحكم المركز في مقابل الطرف الآخر في مركزة الآخر.
إذا أخذنا بعين الاعتبار العلاقة بين البنك وبين من يستثمرون أمواله نجد أنه لا توجد هناك عناصر عليا في الجهتين المتعاملتين في اتفاقيات المشاركة الرابحة والرائجة في قطاع البنوك الباكستاني في هذه الأيام.
تتعامل البنوك بشكل رئيسي في علاقاتها مع مستثمري أموالها وفي ٩٠ % من عملياتها بمبدأ زيادة السعر. وهذا المبدأ يستعمل بشكل لا ينطوي على عناصر عليا، لذلك كانت زيادة السعر مطابقة للفائدة إن لم تكن أسوأ من ذلك. ففي الحقيقة يعتبر مبدأ زيادة السعر كما هو مستعمل الآن أسوأ من التعامل بالفائدة، لأنه يسبب لمن يتعامل به عناء أكبر خصوصا ما يتعلق بإعداد المستندات. فالبنك لا يتحمل أية مسئولية بالنسبة للنوعية أو الكمية، أو تسليم أي شيء مما له علاقة بالبضاعة موضوع الاتفاقية. وإنما يستوفي البنك زيادة في السعر معلومة تتأثر بزمن التسديد. ولا يشارك البنك أو يتحمل أية أخطار. وهو في هذه الحالة وهو يقبض زيادة السعر يعتبر مخالفًا لمبدأ الغنم بالغرم.
أما المبدأ الثاني الذي تتعامل به البنوك في علاقتها مع الذين يستثمرون أموالها فهو مبدأ المشاركة. وهو في البنوك قليل الوجود. وفي حين تتعامل به على نطاق واسع مؤسسات التنمية المالية، أو مؤسسات التمويل المتخصصة، وهذه المؤسسات وهي تتعامل بهذا المبدأ بعيدة كل البعد عن روح التعامل به. فكما نلاحظ من البنود (ثالثا إلى خامسا) من بحثنا هذا فإن البنوك تؤمن نفسها دائما بمردود يكاد يكون ثابتا (١٥ % غالبا) على المبالغ التي تدفعها، وتسمى هذا المردود معدل الربح المتوقع أو المعدل الذي أنتجه المشروع. فالبنك لا يستوفي أكثر من هذا المعدل حتى ولو أنتج العميل ربحا أعلى من المعدل المتوقع، ولا يطالب عادة بزيادة حصته أسوة بالعميل نفسه. أما إذا تدنى الناتج عن المعدل المتوقع المذكور في الاتفاقية فإن البنك لا يتنازل عن ذلك المعدل المتوقع ويستوفيه كاملا. وفي بعض الحالات النادرة وحين يتعرض العميل إلى خسارة مستمرة خلال بضع سنوات فإن البنك قد يقبل (وليس ذلك بالضرورة قائما) مردودا أقل من معدل الربح المذكور في الاتفاقية. وقد أعدت الاتفاقيات بشكل يجعل مساهمة البنك في الخسارة أمرا غير موجود أو قائم.
كل رحلة (مهما طال أمدها) تبدأ بالخطوة الأولى، وقد نظمت الاتفاقيات الواردة في هذا الفصل متأثرة بروح الخطوة الأولى. أما مدى تجاوب علماء المسلمين واقتصادييهم مع مبدأ الخطوة الأولى وإقراره بالإجماع والإيجاب فهو سؤال لم تتم الإجابة عليه بعد..
إذا استطاعت هذه الاتفاقيات أن تضيف غضن تعاسة في جبين شايلوك، فإني أستطيع القول ... لقد بدأنا الخطوة الأولى.