ولعل الضوابط الشرعية التي ذكرت في هذا الجزء من الفتوى تعتبر الحد الأدنى اللازم ليكون البيع مقبولًا شرعًا، إلا أنني وجدت بعض المصارف الإسلامية لم تلتزم بهذه الضوابط في التطبيق العملي مع موافقتها على الفتوى، ووجدت في التطبيق العملي أيضًا أمورًا أخرى رأيت أن أعرضها على مجمعكم الموقر ليقول فيها رأيه إسهامًا في تصحيح مسار المصارف الإسلامية، وابدأ بتقديم نموذجين لعقود الوعد بالشراء وبيع المرابحة، وكل نموذج تم التعامل به في مصرف إسلامي أو أكثر.
النموذج الأول: نجد من مواده في عقد وعد بالشراء: وعد الطرف الثاني –وهو العميل- الطرف الأول –أي المصرف- بشراء البضاعة المبينة وإبرام عقد البيع والشراء بمجرد تسلم وكيل الطرفين الناقلين للبضاعة من المستفيد، فاعتبر أن مجرد التسليم هذا يعتبر عقدًا وليس بعد هذا يعقد العقد، وفي المادة الثالثة قال: يعتبر الناقلون بصفتهم وكلاء عامين للنقل، وكلاء للطرفين بتسلم البضاعة اعتبارًا من وقت تسلمها وحتى ميناء الوصول طبقًا لشروط الاعتماد المستندي، وفي المادة الرابعة يتحمل الطرف الثاني نتائج أية طوارئ، الطرف الثاني الذي طلب الشراء، والذي يتحمل نتائج أية طوارئ قد تتعرض لها البضاعة بعد تسلمها من المستفيد، وفي المادة السادسة: يلتزم الطرفان بإبرام عقد المرابحة النهائي المتعلق بهذا الوعد بمجرد إبلاغ المستفيد أحد الطرفين بتسلم البضاعة، وفي المادة الثامنة: إذا امتنع المصدر الذي عينه الطرف الثاني عن تنفيذ الصفقة أو أخرها عن موعد التسليم المتفق عليه لا يكون الطرف الأول وهو المصرف مسئولًا عن أي ضرر يعود على الطرف الثاني الذي عليه أن يدفع كافة المصاريف التي تحملها الطرف الأول من جراء عدم تنفيذ المصدر وفي هذه الحالة لا يعتبر الطرف الأول مخلًا بالوعد.
وفي عقد المرابحة ينص البند الرابع: تم التوقيع على هذا العقد من قبل الطرفين بعد تسليم البضاعة من قبل المستفيد إلى وكيل الطرفين (الناقلين) ويكون العقد نافذًا من تاريخه وتصبح البضاعة ملكًا للطرف الثاني وتحت مسئوليته، وفي المادة الخامسة: حيث أن الطرف الثاني هو الذي اختار وحدد مواصفات البضاعة فإن الطرف الأول ليس مسئولًا عن أي نقص في البضاعة أو اختلاف في مواصفاتها وأن مسئولية ذلك تقع على عاتق الطرف الثاني –أي العميل- طبقًا لما هو متعارف عليه دوليًا، -هذا بالنسبة للاعتماد المستندي في البنوك الربوية -، وفي المادة الثامنة: في حالة امتناع الطرف الثاني عن تسلم المستندات الوارد ذكرها في البند السابق أو تسلم البضاعة فمن حق الطرف الأول بيعها بالسعر السائد في حينه في بلد الوصول أو أي مكان آخر حسب ما يراه الطرف الأول ولحساب الطرف الثاني، أي أن يبيع لحساب الطرف الثاني وليس لحساب المصرف.
وهكذا وجدنا في هذا العقد أن الأساس عندما يرغب أحد في استيراد سلع عن طريق الاقتراض من بنك ربوي فإنه يتفق مع البنك على القرض وفائدته، أي الربا الذي يلتزم به تبعًا للزمن المتفق عليه، ويقوم البنك بفتح اعتماد مستندي للمقترض، ويستورد السلعة لحسابه، أي أنها تكون ملكًا للمقترض، غير أن المستندات تأتي للبنك ويسلمها للعميل بعد اتخاذ ما يراه من إجراءات، ويمكن أن تظل البضاعة رهنًا إلى أن تتم هذه الإجراءات، والبنك الربوي هنا يتعامل في مستندات تطابق شروط فتح الاعتماد، والتزامه يقف عند هذه المستندات ولا يتعداها إلى السلعة ذاتها..