للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى أعلنت تركيا التداول الإجباري بالنقد الورقي الذي كان قد بدأ إصداره عام ١٨٦٢م. ولم يلق النقد الورقي التركي في يوم من الأيام قبولا من الأهالي خصوصا في الأرياف والمناطق النائية، فبقى التعامل به محدودا جدا رغم أنه كان قابلا بادئ الأمر للتحويل إلى ذهب، وقد خفت ثقة الناس في النقد الورقي أكثر خلال الحرب، وذلك نظرا للسقوط المستمر الذي تعرضت له قيمته بسبب طبعه بكميات كبيرة لتمويل نفقات الحرب (١) . وقد اضطرت الدولة إزاء المشكلات الاقتصادية والسياسية لهذا التغيير، ويبدو أن اضطراب العملة كان متكررا في عهد الخلافة العثمانية منذ قرابة القرن العاشر الهجري، وهذا الاضطراب الاقتصادي في تغير العملة، أو نقص قيمتها أدى بلا شك إلى إشكالات في البيوع الآجلة خاصة والبياعات التي تمت قبل الأوامر السلطانية، وهذا الذي تشير إليه إفتاءات الفقهاء وخاصة الحنفية منها باعتباره مذهب دولة الخلافة، ولعل أول عمل يذكر في هذه الفترة رسالة الخطيب التمرتاشي، محمد بن عبد الله بن أحمد ٩٣٩ هـ – ١٠٠٤ هـ حيث ألف رسالة سماها " بذل المجهود في مسألة تغير النقود " (٢) وقد اعتمد على هذه الرسالة من أتى بعد الإمام التمرتاشي، بل إن ابن عابدين بنى رسالته على رسالة التمرتاشي فلخصها وزاد عليها (٣) .


(١) النقد والائتمان في البلاد العربية، للدكتور عصام يوسف عاشور: ص ١و٢، طبع نهضة مصر١٩٦٢ م بمصر.
(٢) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، للعلامة محمد أمين المحبي: ٤/١٨، طبع مكتبة خياط، بيروت؛ والأعلام، للزركلي: ٧/١١٧ وأشار إلى أن له رسالة في النقود وذكر عنوان الرسالة كاملا كما أثبته ابن عابدين في رسالته تنبيه الرقود: ص ٧٥، وفي غيرها من كتبه.
(٣) العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، للعلامة محمد أمين، ابن عابدين: ١/٢٨٠، نشر دار المعرفة بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>