لقد قلت أولا إنه يجب تحديد مفهومنا للتأمين، أنا لست من المختصين في عقود التأمين، ولكنى أراه هكذا، لقد كنت في بعض البلاد الإسلامية في مسئوليات معينة ومتطلع على بعض الملفات وأيضا أعرف إلى حد ما بعض القوانين الغربية واللغات الغربية. فالتأمين تابع لأى من الوزارات؟ هل هو تابع لوزارة الشئون الاجتماعية أو وزارة الأوقاف؟ لا هو تابع لوزارة المالية ووزارة التجارة. إذن تأمين الشركة التجارية إذا كان للدولة فالدولة تجنى من ورائه أرباحا وإذا كان للأفراد فالأفراد يجنون من ورائه أرباحا. وهذه هى المهمة الكبرى وهى الباعث. هذا الذى أراه والله سبحانه وتعالى أعلم. قلت: إنه يمكن للبلاغة أن يقول الواحد هذا لعاب النحل والآخر يقول هذا قيء الزنانير، للتنفير، فالذى نعرفه أن التأمين هو من الأعمال التجارية المحضة الواضحة جدًا وأن الشخص قد يدخل فيه مجبرا، كما ذكرت في السيارات التى يجب تأمينها في البلاد التى يطبق فيها عقد التأمين ولا يمكن أن تسير بسيارة بدون أن تكون مؤمنة وإلا فإن الشرطة توقفك وتطلب منك ورقة التأمين. هل هذا الشخص مجبر أم مختار؟ إذا كان مختارا لقال أنا أريد أن أذهب بسيارتى بدون تأمين واتركونى لأتحمل أخطائى، فيقولون له: لا، لابد أن تأخذ عقد التأمين. هو مجبر إذن وليس مختارا وليس عقدا والعقد فاسد من هذه الناحية لأن الاختيار شرط لابد أن يكون الطرف الآخر راضيا بهذا العقد، فإذا لم يكن راضيا فإن هذا العقد من باب الجبر فهو مجبر عليه والمكره لا يلزمه عقد كما جاء في الحديث "وما استكرهوا عليه" وكما قال إمامنا مالك رحمه الله تعالى: طلاق المكره. وتعرفون ما وقع لمالك رحمه الله في المسألة. التأمين ليس فيه غرر هذا صحيح. التأمين عقد ليس فيه غرر بيع الغائب، يثبت بيع الغائب بالوصف، هذا عقد فيه غر، عقود المساقاة عقود فيها غرر، عقد الغرر لا يجوز مطلقا، حتى عند من يقول بأن النهى لا يبطل العقد وبعضهم قال أن النبى لا يبطله وإنما يفسده وفرق بين الفساد والبطلان. فالبطلان هو تدمير الماهية تدميرا تاما، والفساد يمكن انجباره بالخيار في البيع مثلا بثبوت حق الخيار في البيع أو بثبوت حق الخيار في النكاح أو بثبوت الصداق في نحو نكاح الشغار مثلا بالنسبة لمن يعلل الخلاف لإمامنا مالك رحمه الله تعالى الذى لم يعلل في قضية الشغار.