شكرا أثابكم الله، أرجو من الشيخ الضرير أن يتفضل بإعطاء لمحة عن التأمين التعاونى وإن كان موجودا لدى أصحاب الفضيلة وهو في قرار مجمع مكة وهو موجود لديكم في آخر البحث، عن التأمين التعاونى.
الشيخ الصديق الضرير:
بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا الموضوع "التأمين" بدأ البحث فيه منذ سنين عديدة ولعل أول مؤتمر بحث فيه هذا الموضوع كان في أسبوع الفقه الإسلامى الثاني وكان فيه أستاذنا الزرقاء وكان لي شرف الحضور بهذا المؤتمر وقد عرضت فيه الآراء وأوردت شبه كثيرة في هذا وكان رأيي ورأي الأستاذ الزرقاء يكاد يكون واحدا إلا في مسألة واحدة اختلفنا فيها وهي موضوع الغرر. وكان رأي الأستاذ الزرقاء في ذلك الوقت أن الغرر غير موجود في عقد التأمين، أو أنه ليس عقد غرر، إذا أن الغرر فيه يسير بحيث يكون مغتفرا. وكان رأيي ولا يزال أن الغرر هو السبب الأساسى في منع عقد التأمين التجاري. ونظرية الغرر قد كتبت فيها كتابا وتعرضت فيه لعقد التأمين وأصل هذا العقد وانتهيت إلى أن الغرر الذي يؤثر في العقد وهو قد قاله بعض الإخوان، هو الغرر في عقود المعاوضات المالية وبشرط أن يكون كثيرا وفي المعقود عليه أصالة وألا تدعو إلى العقد حاجة، وهذه مسائل استنبطها من أقوال الفقهاء، وارتضيتها لأنها محل خلاف، فان يكون في عقود المعاوضات المالية، وهذا هو الشاهد الذي أريد أن أقف فيه قليلا هذا الشرط محل خلاف. أما بقية الشروط الثلاثة فلا خوف فيها، الغرر اليسير لا يؤثر في العقود مطلقا عند جميع الفقهاء. وكذلك كونه في المعقود عليه. أصالة لا يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصل، وإذا دعت إلى الأصل حاجة، الفقهاء يكاد يتفقون على أن الغرر هنا لا يؤثر ولو كان كثيرا. ولو كان في عقد المعاوضات. لكن الخلاف حصل في عقود المعاوضات، فبعض أو أكثر الفقهاء عمموا، وقالوا الغرر يؤثر في جميع العقود، وإن كان النص ورد في البيع خاصة، وخالف المالكية في هذا ولهم فيه رأي صريح ومبدأ ثابت، وهو أن الغرر لا يؤثر في عقود التبرعات. قالوها صريحة، وإن كان بعض الفقهاء لهم آراء أيضا بالنسبة لعقود التبرعات، الهبة هل يؤثر فيها العقد كما يؤثر في البيع؟ لكن لم يصرحوا كما صرح المالكية بهذا المبدأ، وهو أن عقود التبرعات يؤثر فيها الغرر، فيجوز في الهبة، لا يجوز أن تبيع ما تثمر الحديقة في العام القادم ولكن يجوز أن تهب ما تثمره الحديقة في العام القادم. والسبب واضح في هذا، وجهة نظر المالكية في هذا سليمة وقد أخذت بها، ولذلك اشترطت في الغرر المؤثر أن يكون في عقود المعاوضات. ومن أجل هذا رأيت أن عقد التأمين التعاوني وهو عقد تعاوضي يؤثر فيه الغرر إلا إذا دعت إليه حاجة. وأن عقد التأمين التعاوني إذا كان قائما على أساس غير معاوضة، على أساس التبرع، فهو عقد جائز، بناء على هذه القاعدة، وأن كان فيه غرر، الغرر موجود في الحالتين سواء كان عقد تأمين تعاوني أو عقد تأمين تجاري، الغرر واحد، لكن الفارق هو أن في العقود التجارية هناك جهة تسعى إلى التجارة في هذا العمل، في التأمين، إلى التجارة في التأمين وهي التى تغنم وقد تغرم. أما في التأمين التعاونى فالمؤمن والمؤمن له واحد، وليست هناك جهة تتاجر في التأمين. المشتركون هم أصحاب الشركة وهم الذين يستفيدون من أرباحها إذا فاضت أو من أموال الاشتراكات إذا فاضت عن التعويضات وتعود إليهم هذا الفائض، وهم الذين يغرمون إذا زادت التعويضات عن الاشتراكات. والمبالغ التى يدفعونها كما قلت هى تبرع منهم. لمن تقع عليه كارثة يحتاج إلى أخذ المال منها.