نعم، أطلقوا عليه غررا ولذلك قلت أن المالكية نصوا..
الرئيس:
لا، قصدي أنا على عقود التبرع يا شيخ،
ولكن هل يطلقون على ما أصله الإرفاق والإحسان من التبرعات غررا؟ هذا هو السؤال، أما أنا فحسب التتبعات، وفوق كل ذي علم علم الله، أعرف أنهم يطلقون على هذا غررا.
الشيخ الصديق الضرير:
هذا موجود في كل كتب الفقه التى اطلعت عليها وفي كل المذاهب عندما يتحدثون عن أثر الغرر يذكرون العقود التى يؤثر فيها الغرر والتى لا يؤثر فيها. فهم بإجماع اتفقوا على أن عقود المعاوضات تقاس على عقد البيع إذا كان فيها غرر، ثم تحدثوا عن بقية العقود ومنها عقود التبرعات هذه، فتحدثوا عن الغرر في الهبة وهي من عقود التبرعات بنصوص صريحة في كل المذاهب، وهي موجودة عندي. فما من شك أن العقد من حيث هو سواء كان معاوضة أو تبرعا أو حتى عقود الزواج، عقد الزواج تحدثوا عن الغرر فيه، فكلها يدخلها الغرر لكن هل يؤثر فيها جميعا أو لا يؤثر؟ هب هو الفارق، والواقع أننا نحن في السودان بدأنا، ولعل شركة التأمين في السودان والتى أشار إليها الأخ الزحيلى هى أول شركة تأمين تعاوني هي قامت على هذا الأساس ولها نظام مكتوب ووضع فيه كل ما يجنبها المسائل العرضية التي تدخل على عقد التأمين، مثل موضوع الربا، هذا ليس من أصل العقد، فمسألة عرضية قد توجد وقد لا توجد، ولكن الذي يدخل في أصل العقد هو الغرر ولم نجد مخرجا من هذا إلا بتحويل عقد التأمين من عقد معاوضة إلى عقد تبرع، ولذلك عندما أنشئت شركة التأمين التعاونى بهذا الأساس وقلنا أن رأس مال هذه الشركة هو الاشتراكات ولا نريد رأس مال من الخارج، ما فيه مؤسسين لهذه الشركة، لكن اصطدمنا بالواقع القانونى الذى يشترط في كل شركة أن يكون لها رأس مال ومؤسسون. فوافقت الهيئة على أن تقوم الشركة بحيث تتفق مع المتطلبات القانونية وجعل لها رأس مال دفعه البنك ومعه شخص أو شخصان لكى تتم العملية من الناحية القانونية. لكن اشترطنا على رأس المال هذا ألا يستفيد مطلقا من عمليات التأمين، بل استفادت الشركة من رأس المال هذا، بأن أصحاب رأس المال قبلوا أن يوضع نص بأنه إذا حصل عجز ونقصت الاشتراكات عن التعويضات، الشركة تأخذ من رأس المال هذا بصفة قرض لتسدد به العجز لأننا اصطدمنا بمشكلة عملية أنه حسب القاعدة في التأمين التعاونى أنه إذا حصل عجز نرجع على المشتركين، والمشتركون آلاف فكيف نرجع عليهم؟ حلت هذه المشكلة بأن وافق أصحاب رأس المال على أن يكون رأس المال هذا أيضا بمثابة تأمين لهذه الشركة في حالة إذا ما حصلت خسارة والحمد لله لم تحصل خسارة في هذه السنوات الثمانية. فالشركة ماشية الآن ووزعت أرباحا على المشتركين في العام الماضى بمقدار ٨ % لأن هذا فاض، الأموال تستثمر وتدفع التعويضات، فحصل ربح زيادة على الاحتياطات الموجودة.