ومن المعاصرين من تكلم في هذا البحث فمنهم العلامة الشيخ أحمد الزرقا في شرح القواعد الفقهية والدكتور نزيه حماد والشيخ محمد علي عبد الله والدكتور علي أحمد السالوس وصدرت في ذلك الصدد فتوى من المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة جزى الله الجميع كل خير.
وبعد الاطلاع على ما كتبه القدامى والمحدثون رأيت - والله أعلم - رأيًا جديدا في هذا الصدد لعله يكون الصواب والأشبه، ولعله أقرب إلى روح الشريعة ومقاصدها العامة والخاصة وأجمل هذا الرأي فأقول والله المستعان:
الورق النقدي اليوم وإن كان أموالًا نافقة وله حكم المال من جميع الوجوه في الشريعة المطهرة غير أن الذهب هو التغطية الاقتصادية الوحيدة لدى أكثر الدول فإن لم تكن الوحيدة فهي التغطية الأساس والأصل، لذا من هذا الوجه فالورق النقدي نائب عن الذهب فنرجع قضايا تغير قيمة العملة الورقية كلها إلى الذهب فقط ونقول لكل من تعامل بهذه العملة الورقية مع الآخرين، أنت تقبض وتقبض ورقا نقديا ولكن حينما تكون هنالك مداينة فاحرص على أن تسعر هذا الورق النقدي بالذهب بسعر ذلك اليوم بما هو عليه في البورصة ويسجل كل من المتداينين ذلك السعر للذهب أساسا للتعامل، وعند انقضاء الأجل يرجع المدين للدائن ذهبا أو ورقًا نقديا بسعر الذهب في يوم انتهاء المداينة.
فلو أن رجلًا أقرض آخر إلى سنة (٤٠٠٠٠) أربعين ألف ليرة سورية يوم الخامس عشر من حزيران ١٩٨٧ في دمشق وكشفا عن سعر الذهب بالليرات السورية في ذلك اليوم فإذا بهذا المبلغ يساوى (١) كيلو غرامًا واحدًا فقط من الذهب، وبعد انتهاء السنة طالب الدائن المدين بالمال أي في ١٥ حزيران ١٩٨٨، فالعدل والإنصاف في الشريعة اللذين بنيت عليهما مصالح العباد ودار حولهما التكليف يقتضيان إما أن يرد المدين للدائن كيلو غرامًا واحدًا من الذهب أو قيمته بالليرات السورية يوم ١٥ حزيران ١٩٨٨ ولنفترض أن كيلو الذهب يساوى آنذاك (١٠٠٠٠٠) مائة ألف ليرة سورية وجب أن يرد هذا المبلغ أو الذهب الكيلو الواحد وهو مخير في ذلك لأنه لو رد إليه (٤٠٠٠٠) الأربعين ألفًا لكان قد رد إليه أقل من نصف كيلو من الذهب، هذا ظلم والظلم حرمه الله ورسوله وقس على ذلك.
هذا ما ظهر لي في هذه القضية بعد إعمال الفكر وترديد النظر والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.