للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهور النقود النقدية:

ساعد على ظهورها (١) عدم الاستقرار والاضطراب اللذان سادا أوروبا مما حدا بالأغنياء أن يودعوا نقودهم الذهبية عند التجار الصيارفة الأمناء القادرين على حفظ الأموال في خزائنهم الحديدية الذين كانوا يعطون بدورهم سندات إيصال فتكونت على أثر ذلك فئة من التجار الصيارفة اعتنوا بالصيرفة فقط وحفظ الأمانات واخذ الفوائد عليها واصبحوا وسطاء في تبادل النقود بحيث إذا أراد رجال الأعمال الذين يتعاملون معهم إبرام عملية تبادل معينة أو تسديد ما عليه من ديون إلى الغير كان عليه أن يقدم إلى الصراف الذي يتعامل معه ما يحمله من إيصالات، ويسترجع منه سبائكه ثم يرسلها إلى دار سك النقود حيث يتم تحويلها إلى عملات ذهبية يستخدمها التاجر في عمليات الثراء وتسديد الديون (٢) .

ثم خطت الصيرفة خطوة أخرى نحو التيسير في التبادل وذلك بإعطاء المزيد من الثقة إلى الإيصال، بحيث إذا وقع على ظهره صاحبه وأعطاه لآخر أصبح خاصا بحامله ومن هنا أعطى بدل السبيكة الذهبية نفسها، ويجري به النقود ويتداول مع بقاء السبيكة عند الصراف. تلك هي بداية المخاض لورقة البنكنوت التي مهدت الطريق لولادة الأوراق النقدية، وهيأت الرأي العام لتقبلها، أدرك التجار فوائدها في تسهيل عمليات الدفع، فتطورت إلى إصدار فئات محدودة مثل عشرة جنيهات وخمسين جنيهًا ومائة جنيه ...

ثم انتقلت هذه الفكرة إلى الحكومات وتبنتها وأعطتها الثقة وأفادت منها حيث احتفظت هي بالسبائك، وأصدرت في مقابلها الأوراق النقدية المطلوبة، وبذلك درجت الحكومات على طبع أوراق النقد بشرط توفر غطاء كاف من السبائك ثم أختفي الصيارفة من الصورة وحل نظام الشيكات المصرفية محل إيصالات الصيارفة تكونت البنوك الحديثة وقامت بإصدار النقود الورقية بكل أشكالها المتعددة، ثم خفف العطاء ليصل إلى ٥٠ % فقط، ووجدت عدة أنظمة منها ما يعتمد على نظام النقد الواحد أو على غيره إلى أن تكون في عام ١٩٤٥ م صندوق النقد الدولي وأصبحت معظم الأنظمة النقدية الحديثة تعتمد على النقد الورقية والمصرفية كوسيلة للدفع، وذلك بسبب المشاكل الاقتصادية وعدم قدرة الدول على توفير الغطاء الكافي ومن هنا فإن حجم المعروض من النقد لا يتوقف بتاتا على إمكانية الحصول على المعادن النقدية وإنما يتوقف على قرارات السلطات النقدية من البنك المركزي ووزارة المالية ومع ذلك فإن هناك بلا شك عوامل كثيرة لها تأثيرها الفعال على النقود الورقية وعلى رأسها نوعية الاقتصاد القائم درجة نموه وما حققه من تقدم أو ما يعانيه من تخلف اقتصادي اجتماعي وسياسي وما يصيب الدولة من مشاكل وحروب وغيرها (٣) .


(١) وقد ذكر ابن بطوطة في رحلته ط المطبعة الخيرية الأولى: ص ١٩٦ أن أهل الصين كانوا يستعملون النقود الورقية
(٢) د. أحمد عبده / المصدر السابق ص ٣٤٠
(٣) المصادر السابقة وراجع أ. د مصطفى رشدي شيحه: النقود والبنوك ط الدار الجامعية ص ٣١ ود. عبد النعيم مبارك: النقود والصيرفة ط الدار الجامعية ص ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>