للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي اصطلاح الفقهاء اختلفت وجهات نظرهم في المثلية والقيمية حسب المراد بها في الأبواب المختلفة، ففي باب الحج تعتبر البقرة مثلا للناقة، وكذلك النعامة مثلا للناقة والبقرة، حيث إذا قتلها المحرم تجب إحداها مع أن الحيوانات جميعها ليست من المثليات في باب القرض عند من يقول باستقراضها (الجمهور) ونرى أن المثلية لا تتحقق في باب البيع حتى في جنس واحد ونوع واحد من الحيوانات إلا مع التماثل في الذكورة، أو الأنوثة، ويسمونه فوات الوصف المرغوب فيه، أو الجنس المرغوب (١) وغير ذلك من التفصيلات (٢) ولكن أكثر الاتجاهات تسير نحو تعريف المثلى بما هو مقدر بكيل أو وزن فعلى ضوء ذلك فالمكيلات والموزونات هما المثليات وغيرهما قيميات في حين أضاف بعضهم إليهما المعدودات التي لا تفاوتَ بيِّنًا بين أفرادها (٣) .

ولو أستعرضنا ما ذكره فقهاؤنا الكرام في هذه الأبواب المختلفة لوصلنا إلى أن المعيار الذي اختاروه هو ما يحقق العدالة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عند كلامه عن عوض المثل: " وهو أمر لا بد منه في العدل الذي به تتم المصلحة الدنيا والآخرة فهو ركن من أركان الشريعة ومداره على القياس والاعتبار للشيء بمثله وهو نفس العدل وهو معنى القسط الذي أرسل الله له الرسل (٤) ...." ولذلك نرى فقهاؤنا يحكمون على شيء بأنه يرد بالقيمة مع أنه على ضوء القاعدة العامة من المثليات مثل الذهب الذي دخلته الصنعة حيث يصبح من القيميات والماء الذي أتلفه شخص في وقت عَزة حيث يلاحظ فيه القيمة وغيرها كثير جدا (٥) .


(١) يراجع مبدأ الرضا في العقود دراسة مقارنة ٢/ ٨٠٢
(٢) يراجع المبسوط ١٣/ ١٢-١٣ وفتح القدير: ٥/ ٢٠٦ ومواهب الجليل:٤/٤٦٦ والوسيط بتحقيقنا: ٣/ ٨٠٣ والمغنى لابن قدامة: ٧/ ١٣٥ وغيرها حيث فصلنا ذلك في البحث الذي سينشر في مجلة المسلم المعاصر إن شاء الله.
(٣) يراجع فتح القدير ١١/٢٦٩
(٤) مجموع الفتاوى: ٢٩/ ٥٢٠
(٥) الأشباه للسيوطي: ص ٣٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>