وفي المنتقى عن عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حرامًا)) . قال الترمزي: هذا حديث صحيح. وفي كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كتبه إلى أبي موسى الأشعري: المسلمون عن شروطهم إلا شرطًا أحل حر أما أو حرم حلالا، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حراما أو حرم حلالا.
ولا شك أن عقود الالتزام عقود تراض مشتملة على شروط اتفقت إرادتا طرفي العقد على الأخذ بها، وبما اشتملت عليه، من شروط وقيود وتعهدات فلا يجوز تغييرها بزيادة أو نقص من إرادة منفردة إلا بما يضر الطرف الآخر.
بهذا يتضح أن الالتزام بالحق يعني ثباته نوعًا وقدرًا وصفة وأمدًا وأن محاولة التدخل في تغيير الالتزام بدون إرادة طرفيه يعني ترتيب مظالم على الذمم المختصة بهذا الالتزام. فالمنتفع بهذا التغيير ظالم والمتضرر به مظلوم ومحتوى الالتزام متغير إلى ما يمكن أن يعتبر من ضروب الربا أو من أكل المال بالباطل أو من القروض التي تجر نفعًا.
توضيح ذلك أن الحق موضوع الالتزام إذا طرأ عليه من التقلبات الاقتصادية ما يعتبر جنسه مهيأ للزيادة أو النقص في وقت سداده مما يوجب الضرر لأحد طرفيه بذلك فإن هذا الضرر قد يكون أحد طرفي الالتزام سببًا في حصوله على الطرف الآخر كمماطلته في الوفاء بهذا الالتزام حتى تغيرت الأسعار وترتب عليها الضرر، وقد لا يكون لأحد طرفيه سبب في ذلك إلا أن هناك جائحة قضائية من الله، أو يكون الالتزام من طرف واحد لآخر كمن يغصب حقًّا لشخص طبيعي أو اعتباري فيتغير سعر مثل ذلك الحق بما يعتبر نقصًا على المغصوب في وقت تسليم ذلك الحق المغتصب.