وبهذا يتضح لنا أن الأخذ بمبدأ ربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعار مصادم للمقتضيات الشرعية في الشريعة الإسلامية وللتوجيهات الإسلامية للاقتصاد الإسلامي الحر وللطمأنينة الموجبة للثقة في أن الحق الملتزم به هو الحق قدرًا ونوعًا وصفةً وأجلا، فلا يخشى صاحب الحق نقص حقه ولا يخشى الملتزم بعد تغيره عليه بزيادة. كما أن الأخذ بذلك موجب لظلم أحد طرفي العقد وأكل الظلم منهما مالا بدون حق فضلا عما في ذلك من الجهالة وتشجيع البنوك على مضاعفة نشاطاتها الربوية وتثبيط التجارة بما يسوق بضائعه عن ربحه أو خسارته بالرغم من معرفته مقدار قيمة شراء بضاعته ومقدار قيمة بيعها لأنه لا يعرف الزيادة المحتملة على ما التزم به طبقًا لربط هذا الالتزام بسعر يوم سداده فقد تأتي هذه الزيادة على ربح محسوس حققته صفقته التجارية.
وقبل دخولي في نقاش القائلين بوجاهة ربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعار أرغب في إبداء ما عندي في وجود حالات استثنائية توجب ربط الالتزام بمستوى الأسعار حتى تكتمل الصورة ويتضح الاتجاه ويتحرر موضوع النقاش.
أولى هذه الحالات: ما إذا كان الالتزام بالحق حال الأداء وكان الملتزم مليئًا غنيًّا إلا أنه صار يماطل صاحب الحق حتى تغيرت الأسعار سواء انخفضت القيمة الشرائية للنقد موضوع الالتزام انخفض سعر العين المالية موضوعة الالتزام كديون السلم فمماطلة من عليه الحق لمن له الحق ظلم وعدوان موجبة لحل عرضه وعقوبته كما قال صلى الله عليه وسلم: ((مطل الغني ظلم)) رواه الشيخان في صحيحهما، قال صلى الله عليه وسلم ((لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)) . رواه أهل السنن. ومن العقوبة أن يربط الحق بسعر يوم سداده إذا كان فيه نقص على صاحبه فالزيادة على المماطل بأداء الحق عقوبة يستحقها بسبب ليه ومطله، وإعطاء صاحب الحق هذه الزيادة يعتبر من العدل والإنصاف لأن مماطلة خصمه أضرت به بمقدار هذه الزيادة.