الحالة الثانية: أن لا يكون الملتزم بالحق سببًا في خسارة صاحب الحق بنقص حقه وإنما يرجع ذلك إلى أسباب قهرية لا دخل لأي من طرفي العقد بها، فهذه الحال إن كانت الخسارة على أحد أطراف العقد تزيد عن الثلث، فقد تقاس على قاعدة وضع الحوائج، وإن كان القائلون بها يرون قصرها على الثمار على أصولها، مما تم بيعها ولم تقبض فأصابتها جائحة سماوية قضت عليها أو على بعضها، إلا أن المسألة محل نظر في اجتماع القضيتين في حصول خسارة فاحشة ليس لأحد طرفي العقد سبب في حصولها وتنفرد إحداهما عن الأخرى بأن قضيتنا حق تم الالتزام به وجرى تعيين موجبة في غالب ماله.
وعلى أي حال فهذه المسألة تحتاج إلى إفرادها ببحث تستقصى فيه مبررات الحكم فيها.
الحالة الثالثة: إذا كان الالتزام بدين نقدي من عملة ورقية معينة ثم انخفضت قيمة هذه العملة الورقية انخفاضًا فاحشًا ولم يحل أجل سدادها وتمثل بالليرة اللبنانية ونضرب مثلا لهذه الحال: خالد من الناس التزم لمحمد بمائة ألف ليرة قيمة بضاعة جرى قبضها في مجلس العقد وتم الاتفاق على تأجيل دفعها إلى عام، وكانت قيمة الليرة وقت الالتزام تعادل ريالا سعوديًّا وبعد حلول أجل الدفع انخفضت قيمة الليرة حيث صارت قيمة مائة ليرة ثلاثة ريالات سعودية، فهل يسلم خالد لمحمد مائة ليرة لبنانية بغض النظر عن انخفاض قيمتها وفي هذا خسارة بالغة على محمد أم يلزم خالد بقيمتها وقت الالتزام لأن الليرة الآن في حكم السكة المنقطعة؟ يمكننا أن نرجع في حكم هذه المسألة إلى ما ذكره الفقهاء رحمهم الله.