وبهذا يتضح موقف الإسلام من التضخم وأسباب التضخم , وأنه يحارب التضخم بتشريعات في الأخذ بها حماية للمجتمع من التضخم وصيانة للأسواق التجارية عن التضخم وليس من تشريعاته تغيير الالتزامات الآجلة بنقص أو بزيادة وذلك بربطها بمؤشرات الأسعار إذ لا شك أن في هذا أثرًا عكسيًّا في اعتباره أحد عوامل الكساد الاقتصادي فإن من يلتزم بحق ففي حال الأخذ بربط الالتزام بمؤشرات الأسعار فإنه لا يدري عن ميزان التزامه ولا عن مردود حركته الاقتصادية فقد يخطط لمشروع تنموي يظهر له من مخططه توفر الثقة لديه في نجاح مشروعه إلا أن الأخذ بربط الالتزام بالأسعار قد يأتي على ما يراه ربحًا محققًا في مشروعه وهذا في حد ذاته عامل قوي في إحجامه عن القيام بذلك المشروع الذي يرى ربحه محققًا فيه إلا أنه غير مطمئن إلى تغير التزامه بما يأتي على ذلك الربح.
وأما وجه اعتباره عاملا من عوامل التضخم فإن التضخم معناه ظهور سوق نقدي لا يتناسب حجمه العام مع المثمنات المتاحة من سلع وخدمات، وتغير الالتزامات الآجلة وربطها بسعر أجل سدادها وفي ظروف تقلبات اقتصادية لا تحكمها قواعد واضحة ولا تصورات جلية يعطي المزيد من مضاعفة الالتزامات وبالتالي تتيح المجال لهروب النقد إلى ما فيه ضمان نمائه وهذا يعني ظهور فئات تتكدس في أيديها الثروات وقد تكون البنوك أوضح مثال لهذه الفئات يستوي في ذلك ما تملكه أو تستودع إياه للحفظ – أو الاستثمار. وبهذا يتضح أن ربط الالتزامات الآجلة بمؤشرات الأسعار يعتبر من عوامل التضخم المالي والانكماش الاقتصادي لا أنه عامل من عوامل محاربة التضخم.