للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* المبرر الرابع: الاستدلال على القول بمبدأ ربط الالتزام بتغير الأسعار بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} .

وهذا الاستدلال أكثر تطرفًا وبعدًا من الاستدلال السابق على ذلك بقوله تعالى:

{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} .

فعقد جرى بين زيد وعمرو استلزم ذلك العقد حقًّا لأحدهما على الآخر هل يكون من الوفاء بهذا العقد أن يرتب على الملتزم بالحق للملتزم له به زيادة عليه أو العكس؟ لا شك أن الوفاء بالعقد يعني تأدية ما يقتضيه العقد دون زيادة أو نقص إلا فيما تراضيا عليه مما لا محذور في اعتباره شرعًا.

* المبرر الخامس: إن الحنفية أجازوا أخذ الفرق بين قيمة النقد والدين وهذا هو ربط تغيرات الأسعار بالالتزامات.

وكم يكون ناقل هذا القول مؤكدًا لقوله لو أورد نصوصًا عن الحنفية تؤيد قوله عنهم، فإن المنقول عنهم يخالف ذلك فلقد وجد الاختلاف بينهم فيما إذا كانت الفلوس ثمنًا في الذمة ثم كسدت بانقطاع التعامل بها.

قال الكاساني:

" لو اشترى بفلوس نافقة ثم كسدت قبل القبض انفسخ العقد عند أبي حنيفة رحمه الله وعلى المشتري رد المبيع إن كان قائمًا وقيمته أو مثله إن كان هالكًا، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لا يبطل البيع والبائع بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أخذ قيمة الفلوس كما إذا كان الثمن ربطًا فانقطع قبل القبض، ولأبي حنيفة أن الفلوس بالكساد خرجت عن كونها ثمنًا لأن ثمنيتها تثبت باصطلاح الناس فإذا ترك الناس التعامل بها عددًا فقد زال عنها صفة الثمن ولا بيع بلا ثمن فينفسخ العقد ضرورة. " اهـ (١)


(١) بدائع الصنائع: ٥/٢٤٢، الطبعة الثانية، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٣٩٤ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>