للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم.

أولًا رأيي في هذا الموضوع هو متفق مع رأي مقدم الموضوع وهو أنه لا يجوز ربط الديون مهما كان مصدرها سواء كان مصدرها قرضًا أو بيعا، لا يجوز ربطها بمستوى الأسعار، لأن في هذا شبهة الربا. وقد تحدث عنه كثير من الإخوان. ولحديث ابن عمر الذي تناوله أيضًا بعض الإخوان، وفيه غرر أيضًا وهذا لم يتطرق إليه أحد، فيه غرر في حالة البيع بأجل. لأن المشتري لا يدري ما هو الثمن الذي سيدفعه لو أن شخصًا اشترى سلعة قبل عشر سنوات مثلًا في السودان بعشرة جنيهات إلى أجل عشر سنوات فيطالب الآن بمئات الجنيهات، ولاتفاق المتقدمين من الفقهاء على وجوب قضاء الدين بمثله، وأقول وأؤكد اتفاق المتقدمين جميعًا بما فيهم فقهاء المالكية وبما فيهم الرهوني وأحب أن أؤكد على هذه النقطة وقد كتبت عنها في بحثي رادًّا على الذين يقولون بأن الرهوني في حديثه عن الغبن اليسير والغبن الفاحش اعتبر القيمة في حالة الغبن الفاحش، وهذا غير صحيح بالنسبة لمذهب المالكية بعامة وبالنسبة للرهوني خاصة أيضا. ليس عند الرهوني قول بهذا , وليس في مذهب المالكية قول يخالفه، إنه لا خلاف بينهم في رد المثل، ما نقل عن الرهوني هذا جاء في بطلان الفلوس، وأحد الإخوان قرأ علينا عبارة ترد علي، العبارة التي قرأها ههنا الرهوني يقول: بذل سلعته فيما ينتفع به فلا يعطي ما لا ينتفع به. فهل إذا كان هناك غبن فاحش وأعطى ينتفع؟ الكلام دقيق العبارة: هذه تصدق في حالة البطلان وهي المجال الذي كان يتحدث عنه الرهوني. فالأئمة الأربعة متفقون على هذا الرأي. ثم إن ربط الديون بمستوى الأسعار فيه قلب للأوضاع بتقويم الأثمان بالسلع، وهذا هو الاتجاه الاقتصادي الحديث لكنه خطأ من أصله. الأثمان هي التي يقاس بها ولا تقاس على غيرها، وهذا هو ما قرره فقهاؤنا منهم الغزالي وابن تيمية وابن القيم، وكلهم قرروا هذا وقالوا إن الأثمان هي المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال ولا يقوم هو بغيره، إذ يصير سلعة كبقية السلع، وهذه هي مصيبتنا الآن حين جعلنا النقود سلعًا، فالخطأ في أصل الاقتصاد الحاضر هذا هو الذي جاءنا بالبلوى، ثم إنه ليست هناك حاجة إلى ربط الديون بمستوى الأسعار لأن عندنا في المعاملات الشرعية ما يغني عن كل هذا. فمثلًا في القرض نحن نأخذ الأحوال الحاضرة الآن مع ما فيها من سوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>