للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا صريح في أن ربا القرض يجري في الأموال الربوية وفي غيرها.

ويقول الرملي المتوفى ١٠٠٤ هـ في شرحه لعبارة النووي "ويرد المثلي في المثلي": " لأنه أقرب إلى حقه، ولو في نقد بطلت المعاملة به، فيشمل ذلك ما عمت به البلوى في زماننا في الديار المصرية من إقراض الفلوس الجدد ثم إبطالها وإخراج غيرها وإن لم تكن نقدا " (١)

ويقول أيضا: ولا يجوز قرض نقد أو غيره أن اقترن بشرط رد زيادة على القدر المقرض. (٢)

وعلى هذا فربا القرض لا يجوز في مذهب الشافعية كما لا يجوز عند غيرهم سواء أكان المال ربويا أم غير ربوي.

هذا وفي قوله تعال: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} ما يفيد أن ربا الديون الذي وردت فيه الآية يكون في كل مال، والنقود الورقية مال من غير شك.

يتضح مما تقدم أن الفائدة التي تدفعها البنوك عند الاقتراض من الغير والفائدة التي تأخذها عند قرض الغير ربا محرم بإجماع المسلمين سواء اعتبرنا النقود الورقية من الأموال الربوية – وهو الحق – أو لم نعتبرها؛ لأن هذه الفائدة من ربا الديون وليست من ربا البيوع، ولا يشترط في ربا الديون أن يكون المال من الأصناف الستة الربوية أو ما يلحق بها.

وتشمل الحرمة كل أنواع التعامل بفائدة، فتشمل القرض بفائدة قليلة أو كثيرة، بسيطة أو مركبة، كما تشمل القرض للاستهلاك والقرض للانتاج (التمويل) وتشمل أيضا فتح الاعتماد بفائدة وتشمل أيضا خصم الأوراق التجارية؛ لأن هذه العملية في حقيقتها قرض بفائدة، فالبنك عندما يتسلم الورقة التجارية التي تكون مستحقة الدفع بعد شهر ويدفع لصاحبها أقل من قيمتها، كأنه يقرض صاحبها مبلغا ليأخذ أكثر منه بعد شهر.

والله أعلم.


(١) نهاية المحتاج ٤/٢٢٣.
(٢) نهاية المحتاج ٤/٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>