للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالية والتقوُّم:

وقد بين ابن عابدين معنى المالية والتقوم، فقال: والمالية تثبت بتمويل الناس كافة أو بعضهم. والتقوم يثبت بها وبإباحة الانتفاع به شرعًا، فما يباح بلا تمول لا يكون مالًا، كحبة حنطة، وما يتمول بلا إباحة انتفاع لا يكون متقومًا كالخمر، وإذا عدم الأمران لم يثبت واحد منهما، كالدم، ثم قال: (وحاصله أن المال أعم من المتقوم؛ لأن المال ما يمكن ادخاره ولو غير مباح كالخمر، والمتقوم ما يمكن ادخاره مع الإباحة، فالخمر مال متقوم، فلذا فسد البيع بجعلها ثمنًا، وإنما لم ينعقد أصلًا بجعلها مبيعًا، لأن الثمن غير مقصود، بل وسيلة إلى المقصود، إذ الانتفاع بالأعيان لا بالأثمان ولهذا اشترط وجود المبيع دون الثمن. فبهذا الاعتبار صار الثمن من جملة الشروط بمنزلة آلات الصناع) (١) . وعرف سعد الدين التفتازاني التقوم فقال: (المتقوم ما يجب إبقاؤه بعينه أو بمثله أو بقيمته، ثم قال عن الخمر: والخمر واجب اجتنابها بالنص لعدم تقومها، لكنها تصلح للثمن، لأنها مال) (٢) . وهذا متسق مع تعريفه للمال السابق.

ونقل السيوطي أن للمتمول ضابطين:

أحدهما: أن كل ما يقدر له أثر في النفع فهو متمول، وكل ما لا يظهر له أثر في الانتفاع فهو لقلته خارج عما يتمول.

الثاني: أن المتمول هو الذي يعرض له قيمة عند غلاء الأسعار، والخارج عن التمول: هو الذي لا يعرض فيه ذلك

تعليق: الأشباه والنظائر، للسيوطي: ص ٣٢٦. ويقسم الفقهاء المال إلى أقسام عدة أهمها: أولًا: ينقسم بحسب الضمان وعدمه إلى: مال متقوم، ومال غير متقوم. فالمتقوم: ما يباح الانتفاع به في حال السعة والاختيار، وهو الذي له قيمة في نظر الشارع، ويشترط فيه أن يكون قد حيز بالفعل، كالدور والنقود المملوكة. وغير المتقوم: ما لا يباح الانتفاع به في حالة الاختيار، ولم يحز بالفعل، أو حيز ولكن حرم الشارع الانتفاع به. وهو بهذا يشمل مثل المعادن والسمك قبل حيازته كما يشمل ما حيز فعلًا وحرم الانتفاع به في حالة السعة والاختيار، كالخمر بالنسبة للمسلم، فإنه لا يجوز الانتفاع به إلا في حال الضرورة. أما بالنسبة لغير المسلم، فإنه يعتبر مالًا متقومًا عند الحنفية خلافًا للجمهور. ويترتب على هذا التقسيم أمور أهمها:


(١) حاشية ابن عابدين: ٥/٥١.
(٢) التلويح على التوضيح: ٢/٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>