ولا شك أن جهده هذا قد ساعده فيه استشاريون ومختصون ليضمن أحسن المواصفات لسلعه، وأفضل طرق ترويج هذه السلع وتسويقها، وهذا لا ريب كلفه أموالًا طائلة أخصها وأهمها ما بذله من دعاية لازمة لترويج الاسم التجاري.
وقد أصبحت الدعاية اليوم من مستلزمات العمل الناجح لتزاحم الأصناف المتماثلة والمتشابهة إلى حد كبير يكاد يصل حد التطابق في المواصفات.
فما لم يصاحب الاسم التجاري بيان وترغيب بأساليب متعددة، فإن السلع الجيدة تبور وتضيع قيمتها في غمرة الدعايات المؤازرة لأسماء تجارية أخرى مشابهة، أو قد تقل عنها جودة.
فالدعاية للاسم التجاري ضرورية لإيجاد السمعة والشهرة، ولحماية هذه السمعة بعد تحققها، ولذا فإن التاجر محتاج إلى الاستمرار في الدعاية والإعلان بين الفينة والأخرى كي يأمن استمرار اسمه التجاري في الأذهان حيًا ومرغوبًا، بعيدًا عن المنافسة التي قد تستبدل به غيره.
ولا ريب أن هذا بذل مادي ضخم، موضوعه وسببه الاسم التجاري، أو بمعنى أصح موضوعه السمعة والشهرة التي يمثل الاسم التجاري وعاءها وعنوانها.
ولا يخفى أن الدعاية والإعلان لا تعني بالضرورة واقعًا حقيقيًا يمثل الاسم التجاري بالمواصفات التي تحملها عنه هذه الدعاية، فقد تكون دعاوى ليس لها في الواقع وجود، وهذا غش وتدليس لا ينفي المصلحة ولا يرفعها، ولكنه يشوب هذه المصلحة بنوع غش وخداع ينبغي كشفه، وحماية أصحاب المصالح المشروعة الجادين في أسمائهم التجارية منه، وحماية جمهور الناس من مثل هذه الدعايات الموهمة غير الواقع.
وعلى كل الأحوال فإن العرف الجاري والتجربة المتكررة بين الناس تجعل للاسم التجاري الذي يعبر عن واقع وحقيقة إذا صحبته دعاية كافية رجحانًا على الاسم التجاري الذي يعبر عن زيف وخداع، وإن ضخمت دعايته فالبقاء للأصلح في أسواق الناس.
فالاسم التجاري – والحال هذه – له واقع ملموس، كما أن له قيمة ذاتية مستقلة عن السلع التي يمثلها ويحتويها.
وإلى جانب ذلك فإن للاسم التجاري أيضًا أهدافًا وأغراضًا يحققها، أخصها وأهمها أنه يحفظ السلع من التقليد والتزييف، ويوجد ارتباطًا وصلة وانطباعًا معينًا بينه وبين الجمهور، هذا الارتباط الذي ينتج ما نسميه السمعة والشهرة التجارية.
ولا شك البتة أن هذه السمعة في حقيقتها وواقعها مصلحة فعلية بالنسبة للتاجر من جانب، ولعامة الناس المتعاملين من جانب آخر.
فأما مصلحة التاجر: فإنه قد بذل من جهده وفكره وأمواله الشيء الكثير في سبيل هذا الاسم ليضمن لبضائعه رواجًا وسمعة ونجاحًا، فمن مصلحته الخاصة أن يتحقق له ذلك، وبالتالي فمن مصلحته أو من حقه أن يحمي جهده وفكره وأمواله، أو بمعنى آخر أن تحفظ قيمة اسمه التجاري، فلا يتعرض للتقليد أو التزييف، كما تحفظ سمعته من التشويه.
والمصلحة ههنا هي عنوان الحق والدالة عليه، أو هي في الحقيقة الحق ذاته.