للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يتحصل من استقراء الحقوق التي تحدث الفقهاء عن الاعتياض عنها، أنها تنقسم إلى نوعين:

١- الحقوق الشرعية، وهي التي ثبتت من قبل الشارع، ولا مدخل في ثبوتها للقياس.

٢- الحقوق العرفية، وهي التي ثبتت بحكم العرف، وأقره الشرع. ثم كل واحد من هذين النوعين ينقسم إلى قسمين:

الأول: الحقوق التي شرعت لدفع الضرر عن أصحابها.

الثاني: الحقوق التي شرعت أصالة.

والحقوق الثابتة أصالة تنقسم إلى أقسام:

١- الحقوق التي هي عبارة عن منافع مؤبدة في ذوات الأشياء، مثل حق المرور وحق الشرب، وحق التسييل وغيره.

٢- الحقوق التي تثبت بسبق يد الرجل إلى شيء مباح، وتسمى حق الأسبقية أو حق الاختصاص.

٣- الحقوق التي هي عبارة عن حق إحداث عقد مع آخر أو إبقائه، مثل حق استئجار الأرض، أو الدار، أو الحانوت، أو حق البقاء في وظيفة من وظائف الوقف.

ثم إن الاعتياض عن الحقوق يمكن بطريقين:

الأول: الاعتياض عن طريق البيع،وحقيقته نقل ما كان يملكه البائع إلى المشتري بجميع مقتضيات النقل.

الثاني: الاعتياض عن طريق الصلح والتنازل، وحقيقته أن التنازل يسقط حقه، ولكن لا ينتقل الحق إلى المنزول له بمجرد نزوله، ولكن يزول مزاحمة النازل بمقابلة المنزول له.

وقد ذكر الإمام القرافي رحمه الله الفرق بين الطريقين، حيث قال:

" اعلم أن الحقوق والأملاك ينقسم التصرف فيها إلى نقل وإسقاط، فالنقل ينقسم إلى ما هو بعوض في الأعيان، كالبيع والقرض ... وإلى ما هو بغير عوض كالهدايا والوصايا ... فإن ذلك كله نقل ملك في أعيان بغير عوض.

وأما الإسقاط فهو إما بعوض كالخلع، والعفو على مال ... فجميع هذه الصور يسقط فيها الثابت، ولا ينتقل إلى الباذل ما كان يملكه المبذول له من العصمة وبيع العبد ونحوهما " (١) .

فنريد أولًا أن مذكر هذه الأنواع من الحقوق التي ذكرها الفقهاء في كتبهم، ونتكلم على كل منها على حدة، بذكر ما قال فيه الفقهاء رحمهم الله تعالى، فنستخلص من كلامهم ما يدلنا على الحكم الشرعي في هذه الحقوق التي شاع تداولها بين الناس، والتي نريد أن نعرف حكم الاعتياض عنها والله سبحانه وتعالى هو الموفق والمعين.


(١) الفروق للقرافي: ٣/١١٠، - الفرق التاسع والسبعون -.

<<  <  ج: ص:  >  >>