للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المالكية، فالتعريف المشهور للبيع عندهم، ماينسب إلى ابن عرفة، وهو مايلي: " عقد معاوضة على غير منافع، ولا متعة لذة " (١) .

فتخرج الإجارة والكراء لكونهما عقدًا على منافع، ويخرج النكاح لأنه عقد على متعة لذة، وظاهر هذا التعريف أن البيع يقتصر عندهم على الأعيان المادية، ولا يقع على المنافع والحقوق.

ولكن يوجد عندهم – على الرغم من ذلك – جواز بعض البيوع التي ترجع إلى بيع الحقوق والمنافع، فيجوز عندهم بيع حق التعلي، وحق غرز الخشب على الجدار. يقول الدردير رحمه الله في شرحه الكبير.

" (وجاز) بيع (هواء) بالمد، أي فضاء، (فوق هواء) بأن يقول شخص لصاحب أرض: بعني عشرة أذرع مثلًا ما تبينه بأرضك (إن وصف البناء) الأسفل والأعلى لفظًا أو عادة، لخروج من الجهالة والغرر، ويملك الأعلى جميع الهواء الذي فوق بناء الأسفل، ولكن ليس له أن يبني ما دخل عليه إلا برضا الأسفل ... (و) جاز عقد على (غرز جذع) أي جنسيه فيشمل المتعدد (في حائط) لآخر بيعًا أو إجارة. وخرق موضوع الجذع على المشتري أو المكتري " (٢) .

وقال الحطاب بعد ذكر هذه المسألة:

" ولا يجوز لمبتاع الهواء بيع ما على سقفه إلا بإذن البائع لأن الثقل على حائطه ... ويفهم منه أنه ملك ما فوق بنائه من الهواء، إلا أنه لا يتصرف فيه لحق البائع في الثقل " (٣) .

وزاد المواق رحمه الله:

" يجوز في قول مالك شراء طريق في دار رجل، وموضع جذوع من حائط يحملها عليه إذا وصفها " (٤) .


(١) الدسوقى على الشرح الكبير، للدردير: ٣/٢؛ والزرقاني على مختصر خليل: ٣/١٢؛ والخرشي على مختصر خليل: ٥/١٤؛ ومواهب الجليل، للحطاب: ٤/٢٢٥؛ ومنح الجليل، للشيخ محمد عليش: ٢/٤٦٥.
(٢) الدسوقي على الشرح الكبير: ٣/١٤؛ والمسألة في شروح خليل وحواشيه وفي المدونة: ١٠/٥١.
(٣) مواهب الجليل: ٤/٢٧٦.
(٤) التاج والإكليل للمواق، بهامش الحطاب: ٤/٢٧٥، وراجع المدونة: ١٠/٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>