وماقلنا في حكم الاسم التجاري والعلامة التجارية من جواز الاعتياض عنهما يصدق على الترخيص التجاري. وحقيقة هذا الترخيص أن معظم الحكومات اليوم لا تسمح بإيراد البضاعة من الخارج أو إصدارها إليه إلا برخصة تمنحها الحكومة، والذي يظهر أن هذا النوع من الحجر على التجار، ولا تستحسنه الشريعة الإسلامية إلا بضرورة ملحة. ولكن الواقع في معظم البلاد هكذا. فالسؤال الذي ينشأ في الظروف الحاضرة: هل يجوز لحامل رخصة الإيراد أو الإصدار أن يبيع هذه الرخصة إلى تاجر آخر؟ والواقع في هذه الرخصة أنها ليست عينًا مادية، ولكنها عبارة عن حق بيع البضاعة في الخارج أو شرائها منه، فيتأتى فيه ما ذكرنا في الاسم التجاري من أن هذا الحق ثابت أصالة فيجوز النزول عنه بمال، وبما أن الحصول على هذه الرخصة من الحكومة يتطلب كلا من الجهد والوقت والمال، ويمنح حاملها صفة قانونية تمثلها الشهادات المكتوبة، ويستحق بها التاجر تسهيلات توفرها الحكومة لحاملها، وصارت هذه الرخصة في عرف التجار ذات قيمة كبيرة يسلك بها مسلك الأموال، فلا يبعد أن تلتحق بالأعيان في جواز بيعها وشرائها، ولكن كل ذلك إنما يتأتى إذا كان في الحكومة قانون يسمح بنقل هذه الرخصة إلى رجل آخر، أما إذا كانت الرخصة باسم رجل مخصوص أو شركة مخصوصة، ولا يسمح القانون بنقلها إلى رجل آخر أو شركة أخرى، فلا شبهة في عدم جواز بيعها، لأن بيعه يؤدي حينئذ إلى الكذب والخديعة، فإن مشتري الرخصة يستعملها باسم البائع، ولا باسم نفسه، فلا يحل ذلك إلا بأن يوكل حامل الرخصة بالبيع والشراء.