للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم والحق:

الحكم هو الجعل التكليفي أو الوضعي ويتعلق بفعل الإنسان منعا أو رخصة أو ترتيب أثر وهو لا يسقط بالإسقاط ولا معنى لنقله، فأمره بيد الشارع، نعم يستطيع المكلف أن يخرج عن موضوع الحكم فيسقط الحكم حينئذ بهذا الخروج بالإسقاط كما هو واضح.

أما الحق فيطلق تارة في قبال الملك وأخرى بما يرادفه وهو بمعنييه سلطنة مجعولة للإنسان من حيث هو على غيره ولو بالاعتبار من مال أو شخص أوهما معا.

واعتبر أحيانا مرتبة ضعيفة من الملكية.

وله طرفان. ذو السلطنة والمسلط عليه، وقد يكون مستقلا بنفسه كحق التحجير، وقد يتقوم بغيره كحق المجني عليه على الجاني، وحق القصاص.

وقد يتحد ذو السلطنة والمسلط عليه كملكية النفس (والفرق اعتباري) ، في قوله تعالى حكاية عن موسى: {إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي}

الحق والملكية والسلطنة:

اختلفت المواقف حول العلاقة بين هذه المصطلحات فنقل عن بعض العلماء أنه كان يقول بوحدتها، وعن عدة من المحققين أن الحق مرتبة ضعيفة من الملكية وله ما هية منفصلة عنها.

وذكر السيد الطباطبائي في تعليقته على كتاب (المكاسب) ، للشيخ العلامة الأنصاري أن الحق نوع من السلطنة والملكية.

وذكر المحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني، أن الحق يختلف باختلاف الموارد ولذا تختلف آثاره فحق الولاية والوصاية والتولية المعتبر فيه، هو نفس الولاية والوصاية وإضافة الحق إليها إضافة بيانية. وحق التحجير عبارة عن كون صاحبه أولى بالأرض وحق القصاص والشفعة والخيار عبارة عن السلطنة.

وركز الإمام الخميني على كون الحق واحدا في الجميع مستشهدا بالارتكاز العرفي واعتبر الحق غير الملك والسلطنة، ذلك أن الحق قد يصدق في مورد لا تصدق فيه السلطنة والملك كحق السبق إلى الوقف، وحق التحجير، ولو انتقل حق التحجير بالإرث إلى طفل فإنه لن تكون هناك ملكية ولا سلطنة، كما أن السلطنة قد تعتبر وليس هناك حق أو ملك كالسلطنة على النفس.

ويفرق المرحوم آية الله الصدر بينها أيضا.

والظاهر أن الملكية تعني الحق المطلق للسلطنة إلا في موارد التحديد الشرعي فكأنها سلطنة نشأت مطلقة.

أما الحق فبطبيعته نشأ محدودا وهذا ما يفسر قول المحقق الأصفهاني الأنف.

ثم أنه لوحظت في الحق جهتان (من له ومن عليه) في الغالب، وليست الملكية كذلك ومن هنا ندرك أن نزاعهم في الأرض المحياة في محله. حيث دار النزاع عما تؤدي إليه أدلة الإحياء وهل هو الملكية أو الحق الخاص؟

فمن قال بأنه حق ذكر أن الأرض تبقى على ملكية الإمام وإن اكتسب الفرد فيها حقا يستطيع معه استثمارها ومنع غيره منها ما دام قائما بها، ولكن هذا لا يمنع الإمام من فرض الطسق عليه، وهو رأي الشيخ الطوسي والسيد بحر العلوم، وتؤيده نصوص منها قول الإمام (عليه السلام) : " من أحيا أرضا، من المؤمنين فهي له وعليه طسقها ".

ويميل السيد الصدر لهذا الرأي لأن التعارض المستحكم بين الطائفتين من النصوص الدالة على ذلك يحل بالرجوع إلى كتاب الله حيث جعل طريق نقل الملكية (التجارة) . ولم يذكر الإحياء فلا مناص من جعله مؤديا للاختصاص فقط والتفصيل في الأمر يذكر في محله.

<<  <  ج: ص:  >  >>