وقال صلى الله عليه وسلم:((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وسنتي)) .
ومنَّ عليها بأن جعل هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين، وأنها تحكم أمور الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومنَّ عليها بأن فتح باب الاجتهاد لعلماء هذه الأمة وصفوتها الذين وهبوا أنفسهم ووجهوا عقولهم وأفكارهم إلى خدمة هذه الشريعة والامتثال لأوامرها فتسلحوا بالإيمان، وعرفوا حقه، وتسلحوا بمعرفة ما في كتاب الله تعالى، وما في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فانبثقت عن هذه المعرفة اجتهاداتهم التي غمرت أمة الإسلام منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم حتى الآن، ما قصر عهد من عهودها، ولا نكص عالم من علمائها، وما أغلق باب للرحمة فتحه الله تعالى، وطبقه رسوله صلى الله عليه وسلم، وسار على هديه صحابته من بعده رضوان الله عليهم، ثم تابعوهم وأتباع تابعيهم ... وهكذا إلى يومنا هذا ...
ومنَّ عليها بأن ظلت رايات الاجتهاد مرفوعة، والقواد الأعلام المجتهدون يتلقفونها جيلًا بعد جيل، وعصرًا بعد عصر بأمانة وإخلاص، وحكمة وروية، ونظر ثاقب وشمول واعٍ ... فما من عصر إلا وتناديك أعلامه، وما من جيل إلا وتهتف بك أقلامه وكتبه وآثاره ... وما من معرفة في شرع الله تعالى إلا وذخرت تحت ظل إيمانهم العميق وأينعت تحت ظل فهمهم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ... وصدق الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، [الآية ٩ من سورة الحجر] .
ومنَّ عليها بأن جعل عوادي الزمن، وضربات الأعداء، وكيد الكافرين يرتد مندحرًا ويتحطم موليا على صخرة الإيمان بالله تعالى والعمل بكتابه، وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فشلت كل غايات الغزاة، واندحرت كل غارات الأعداء على مر التاريخ، وظل الإسلام-دين الحق- دين الدنيا ودين الآخرة يمتد بنوره المبين، وعقيدته الحقة الخالصة وشريعته السمحه الشاملة المستوعبة.
ومنَّ الله عليها بأن جعل من أبنائها، ورجالاتها من يضيئون الطريق دائمًا وسط ما قد يكون من ظلام حل بجانب من جوانب الأمور، وغطى بعض التصرفات في حقل من الحقول، فكان منهم من ثابر على إزاحة كل ظل دخيل على عقيدة الإسلام وشريعته، وإزالة كل تصرف لا ينبع من معين الإسلام الصافي، ولا يمتد نسبه إلى أصول هذا الدين الحنيف، في كل مجال من مجالات العلم والمعرفة. وفي كل بلد من بلاده وفي كل عصر من عصوره.