للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعد وأثره (١)

اختلف الفقهاء في كون الوعد ملزمًا أو غير ملزم إلى رأيين؟:

الرأي الأول: يرى جمهور الفقهاء (الحنفية، والشافعية والحنابلة، والظاهرية وجمهور من الصحابة والتابعين) أن الوعد غير ملزم قضاء في جميع الأحوال، وإن كان مأمورًا بالوفاء به ديانة، لأنه تفضل وإحسان، ويقول الله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} ، [الآية ٩١ من سورة التوبة] .

• الرأي الثاني: وهو رأي المالكية، ولهم في إلزام الوعد وعدم إلزامه أقوال أربعة؟

القول الأول: أن الوعد يكون ملزمًا إذا دخل الموعود بسبب هذه العدة في شيء، وهو قول مالك وابن القاسم وقول سحنون (وهذا هو المشهور) .

القول الثاني: أن الوعد يكون ملزمًا إذا كان على سبب، وإن لم يدخل الموعود فيه فعلًا، وإذا لم يكن على سبب فلا يكون ملزمًا- وهو قول لمالك، وأصبغ من علماء المالكية.

القول الثالث: لا يقضي بالعدة مطلقًا على أية حال وهو الرأي الأول الذي ذكرناه آنفًا، وهو من سماع أشهب من علماء المالكية.

القول الرابع: قال بعض المالكية يقضي بالوعد مطلقًا، وإلى هذا ذهب ابن شبرمة (٢) ,وصححه القرافي في فروقه: ٤/٢٤.

وذكر الحطاب أن القولين الأخيرين ضعيفان جدًّا عند المالكية.

وقد استدل من قال بالقضاء بالعدة مطلقًا (أي أنها ملزمة) بقول الله تبارك وتعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} ، [الآية ٣ من سورة الصف] .

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)) ، رواه مسلم من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.


(١) العدة والوعد- هو إخبار عن إنشاء المخبر معروفًا في المستقبل. والالتزام هو إلزام الشخص نفسه شيئًا من المعروف مطلقًا، أو معلقًا على شيء. ويعرف الفرق بين الالتزام والوعد بما يفهم من سياق الكلام، وقرائن الأحوال، فحيث دل الكلام على الالتزام أو على الوعد حمل على ذلك، فصيغة الفعل الماضي تدل على الالتزام وإنقاذ ما التزم به، والظاهر في صيغة المضارع أنها تدل على (الوعد) إلا أنه إذا وجدت قرينة على أنها للالتزام كانت للالتزام، وإذا لم توجد قرينة كانت وعد، لا التزامًا. الالتزامات، للحطاب: ص ٦١ ,١٦٤.
(٢) أورده المحلى لابن حزم: ٨/٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>