وعلى أي حال فالظاهر هو لزوم الوفاء بهذا الشرط وإمكان الإجبار عليه من قِبل الدولة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا ينافي هذا إمكان الإسقاط من قبل من له الحق، فإن الإجبار هي الحالة الطبيعية، أما التنازل عن الحق فهو ينفي موضوع الإجبار.
وهناك أحكام أخرى للشرط لا نرى فعلاً ضرورة للتعرض لها.
حكم الوعد الابتدائي:
هناك حالات متصورة للوعد تتلخص بما يلي:
أولاً: الوعد العادي الذي يعد به المسلم المسلم الآخر.
ثانياً: الوعد الذي يعقده على نفسه ويلتزم به بقوة دون أن يترتب على نقضه أثر.
ثالثاً: هذا الوعد مع ترتب أثر من نوع ما على نقضه.
رابعاً: الوعد المعطى كشرط ضمن عقد من العقود.
فهل الوعد في كل هذه الحالات ملزم أو يختص الإلزام ببعضها دون الآخر؟
ما يمكن أن يطرح هنا من أدلة هو:
أولاً: أدلة الوفاء بالوعد وهي كثيرة واضحة ولا داعي لذكرها إلا أنه يقال في قبالها: إن اللزوم فيها أخلاقي محض وليس فيها إلزام تكليفي أو وضعي.
ثانيًا: قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} بناء على تفسير العقود بالعهود إلا أن الظاهر فيها أنها تركز على العهود العقدية أو العهود التي فيها التزامات قوية، فلا تشمل النوع الأول قطعًا كما تشمل النوع الرابع الممضى شرعًا وعرفًا قطعًا وفي شمولها للنوعين الوسطيين كلام.
وقد قيل إن العقد عهد موثق- كما حكي عن الكشاف- ورأى آخرون أن التوثيق ليس من جملة معناه فيكفي الربط بأي نحو كان. وفسروا العقد بالمعنى الاستعاري بأنه مطلق المعاملة بلحاظ الربط الاعتباري المتبادل.
وقد يشكل على عموم آية الوفاء بالعقود بأن المراد منها العقود المعهودة آنذاك وليس كل عقد أو عهد إلا أن الإشكال في غير محله لعموم اللفظ وليس هناك ما يصلح للقرينة الصارفة عن العموم ويتوضح العموم بملاحظة طبيعة الخطاب القرآني الشامل للبشرية.