إلا أن الإنصاف أن معقد الإجماع يتناول النوع الثاني أيضًا فالعرف يعهده وعدًا ابتدائيًّا لا فرق بينه وبين أي وعد آخر إلا بشيء من التوثيق في حين يرى النوع الثالث عهدًا وشرطًا كاملًا، ومن هنا نقول بلزوم الوفاء به ولو على سبيل الاحتياط- إلا أن يكون شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا.
الإجارة بشرط التمليك:
يمكن تصوير العملية – على ضوء الواقع القائم- بصورتين:
الأولى: أن تقوم شركة أو بنك ببناء مساكن ثم تأجيرها للأفراد بشرط أن يملكوها بعد دفع مبالغ الإجارة في المدة المعينة.
الثانية: أن يقوم الأشخاص المحتاجون لإكمال بناء بيوتهم مثلاً ببيعها للبنك، ثم يقوم البنك بتأجيرها لهم إلى مدة معينة شريطة أن يملكوها بعد انتهاء مدة الإيجار.
والصورة الأولى مؤداها عقد واحد للإيجار متضمن لشرط التمليك في حين تؤدي الصورة الثانية إلى ما يلي:
١- بيع الفرد بيته للبنك.
٢- وعد الفرد للبنك بأنه سيستأجر البيت طبق المبلغ والمدة المعينة بشرط التمليك.
٣- وعد البنك للفرد بأنه سيؤجر البيت طبق المبلغ والمدة المعينة بشرط التمليك.
٤- تأجير البنك للشخص إلى مدة معينة بمبلغ معين شريطة التمليك عند انتهاء المدة.
والصورة الأولى كما هو واضح أقل إشكالًا من الصورة الثانية- وهي المتداولة – وسوف نبحثها أولًا ثم نبحث الأخرى.
وهي لأول وهلة لا يبدو فيها إشكال إلا أن الكلام فيها في مجالين:
الأول: كيف يتم اشتراط التمليك وهل ذلك بنحو شرط لفعل (التمليك) أو هو بنحو شرط النتيجة (التملك) .
الثاني: هذه المعاملة هل تدخل تحت عنوان عقدين في صفقة أم لا؟ وما حكمها لو كانت كذلك؟
أما للبحث الأول فقد ذكرنا من قبل شرائط صحة الشرط ونحن نرى أنها متوفرة هنا جميعًا ولا مانع من اشتراط التمليك سواء كان ذلك بنحو شرط النتيجة أو شرط الفعل. فإذا كان الاشتراط بنحو شرط النتيجة من باب أن التمليك وإن كانت له أسباب خاصة في نظر الشارع إلا أنه من المتعارف بشكل واسع أن يحصل من خلال الاشتراط ضمن عقد، بل أن العرف يرى حصوله بالمعاطاة الخالية من أي صيغة، وهذا عرف ممضى من قبل الشارع وليس التمليك كالطلاق والعتق وأمثالهما مما يحتاج إلى صيغة خاصة.