فحتى لو كان مجرد وعد من قبل البنك مقارن لشراء البيت من الفرد، فإنه كما قررنا من قبل ملزم باعتبار شمول عمومات الوفاء له لأنه يترتب عليه أثر ولا إجماع متيقن يشمله ولو كان مشترطًا في البيع كان ملزمًا بلا ريب أيضًا إلا أنه يرد فيهما الإشكال الثالث الآنف وهو إيجاب البيع قبل استجابة ذلك أن البنك لم يملك البيت بعد وحينئذٍ فلا يمكنه أن يعد مطلقًا أو ضمن عقد وعدًا لازمًا بالإيجار بشرط التمليك، كما لا يمكن للفرد أيضاً أن يعد بالاستيجار بنفس الشرط وعداً ملزماً.
فقد روى محمد بن الحسن بإسناده إلى يحيي بن الحجاج قال: (سألت أبا عبد الله - يعني الصادق (عليه السلام) عن رجل قال لي: اشتر هذا الثوب وهذه الدابة وبعنيها أربحك فيها كذا وكذا: قال لا بأس بذلك: اشترها ولا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها) ، وبمعنى الرواية روايات أخرى تؤكد على ضرورة عدم الإلزام لكي يصح البيع.
وهي تدل على ما ذكرناه شريطة أن نعمم موردها وهو البيع إلى العقود الأخرى وحينئذٍ فيجب حذف عنصر الإلزام في البين والاعتماد على ما هو المتعارف من جريان المعاملة بشكل طبيعي والتزام طرفيها بالاستمرار فيها إلى النهاية، أما البحث الرابع والأخير، فقد يقال فيه:
إن هذه العملية المطولة هي في الواقع غطاء لعملية ربوية لا غير.
أما بلحاظ الصغرى باعتبار أن المراد الجدي للمتعاملين بتحكيم الارتكاز العرفي هو القرض الربوي وليس هذا التطويل إلا تغييرًا للألفاظ رعاية للشرع.
أو بلحاظ الكبرى باعتبار أن العرف يوسع دائرة القرض- بلحاظ الارتكاز العرفي لتشمل هذه المعاملة المطولة.
والحقيقة أن المراد الجدي تارة يراد منه- كما يقول السيد الصدر- الغرض الشخصي للمتعاملين وهذا لا أثر له- وأخرى يراد منه المراد المنشأ بشكل جدي في المعاملة فهو أمر سهل المؤونة والاعتبار خصوصًا في هذه المعاملة.
وأما الكبرى (باعتبار أن العرف يرى القرض عملية تبديل للحال المثلي الخارجي بمثله في الذمة وأن ما جرى هنا لا يخرج عن هذا الإطار) ، فنقول فيها أن الفهم العرفي بعد أن يلحظ:
أولاً: ما قلناه من عدم الإلزام بالوعد في هذه المعاملة لإخراجها من تحت إيجاب البيع قبل استيجابه.
ثانياً: أن أحكام الملكية وتلفها تترتب للبنك وعليه أثناء مدة الإيجار فلو تلف البيت تلف من مال البنك وأمثال ذلك.
نعم بعد أن يلحظ ذلك لا يشك في كون المعاملة غير داخلة تحت عنوان القرض حتى بعد توسيعه المدعى.
وعليه فلا يرد الإشكال الآنف (إشكال التغطية لمعاملة ربوية) والنتيجة التي نخرج بها تتلخص بما يلي:
إن الإيجار بشرط التمليك عملية جائزة شريطة أن لا يكون هناك إلزام بالربط بين المعاملتين وترتب أحكام كل حالة بشكل كامل.
والله أعلم.
الشيخ محمد علي التسخيري.