وفي حالة اعتباره بمنزلة الشرط المقترن بالعقد هل هو من قبيل الشروط المنافية لمقتضى العقود فيفسد العقد أو يبطل هو في نفسه فقط دون أي مساس بالعقد بأي خلل؟ على خلاف بين الفقهاء في المذاهب المختلفة في ذلك ولكل وجهته وأدلته، وموقفي بالنسبة لهذا الخلاف أني أميل إلى الثاني، أخذًا بما يدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها في قضية بريرة المشهورة في باب البيوع في كتب الحديث، حيث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يحكم بفساد عقد بيع بريرة وإن اقترن به شرط باطل، وهو أن يكون ولاؤها لسيدها الذي باعها لعائشة. وإنما أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) عائشة رضي الله عنها أن تستمر في عقدها وشرائها دون مبالاة بالشرط المذكور، وأعلن الرسول (صلى الله عليه وسلم) في استنكار لهذا الشرط الباطل لأنه ليس في كتاب الله وكل شرط ليس في كتاب الله (أي مخالف لما قرره الله وهو المخالف المنافي لمقتضى العقد) فهو باطل ولو كان مائة شرط. وشرط الله أحق وقضاؤه أوثق. والشرط الصحيح المقبول والذي هو كتاب الله بالنسبة لهذه القضية هو ((إنما الولاء لمن أعتق)) .
ومهما كان الأمر وعلى أن هذا الوعد بالهبة أو بالبيع المقترن بعقد الإجارة في مسألتنا هذه – كما هو ظاهر من قبيل الشروط المقترنة بالعقود إلا أنه ليس من قبيل الشروط المنافية لمقتضى العقد فلا يأتي هنا الخلاف في بطلان العقد وفساده ولا بطلان الشرط أو فساده في نفسه، بل هو من قبيل الشروط الجائزة المقبولة (وعد مقبول شرعًا) ولكلا الطرفين الحق في عدم تنفيذه لأنه وعد في المعاوضات. وبهذا أكتفي دون الإطالة في هذا الجانب، خاصة، وقد قرر مجمعنا في دورته الثالثة المنعقدة بعمان، الأردن بقبوله واعتباره وعدًا مقبولًا.