للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور إبراهيم كافي دونمز:

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد الله تعالى على نعمه الفاضلة وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بعد أداء شكر الواجب للباحثين على بحوثهم القيمة، أود أن أشير إلى أننى لم أقدم بحثًا خاصًا في هذا الموضوع، ولذا ستكون ملاحظاتي منصبة على المنهج الذي يجب اتباعه – في رأيي المتواضع – في تناول هذا الموضوع أكثر من أن تكون متعلقة بمضمون الموضوع. في رأيي المتواضع، ينبغي للعلماء بدل أن يتطرقوا إلى مسائل جزئية وموضوعات جانبية، ينبغى لهم أن يتناولوا هذا الموضوع انطلاقًا من القيام بتثبيت موقف الفقه الإسلامي إزاء تقسيم العقود إلى العقود المسماه وإلى العقود غير المسماه. كما هو معلوم فإن القانون الروماني كان يولي اهتمامًا كبيرًا وأهمية قصوى لهذا التقسيم، لأن هذا القانون كان يتسم بالسمة الشكلية. أما اليوم في الغرب، هذا الموقف قد ترك ولم يبق أي أهمية كبيرة لهذا التقسيم، ويمكن للطرفين إحداث عقد جديد بشرط ألا يخالف النظام العام والآداب العامة. أما في الفقه الإسلامي فيكاد يتفق علماؤنا المعاصرون على أن الفقه الإسلامي لا يولي اهتمامًا كبيرًا لهذا التقسيم، العقود المسماه وغير المسماه. ويمكن إحداث عقد جديد لا يحتل مكانًا في الكتب الفقهية، بيد أن الفقه الإسلامي يختلف عن الفقه الغربي في نقطة واحدة، وهي أن التحديدات والتقييدات هي أكثر من الفقه الغربي، لأن هناك نواهي تتعلق بالربا والغرر والجهالة، إذن العمل الذي يجب القيام به هو البحث عن وجود أو عدم وجود مخالفة هذا العقد وأمثاله. ليس عقد الإيجار المنتهي بالتمليك فقط، العقد وأمثاله. هل العقد يتضمن عناصر تخالف مباديء الشريعة الإسلامية أم لا يتضمن؟ لا شك أن العلماء لا يمكن أن يستغنوا عن اجتهادات أئمتنا السابقين. ويجب علينا مراجعتهم، ولكن هذا لا يمنعهم عن البحث عن الحلول المناسبة للحوادث الجديدة. كما أشار الأستاذ العارض، فإن هذا العقد لا تنطبق عليه الأحكام التي توجد في كتب الفقه الإسلامي تمام الانطباق، إذن هذا يمكن أن يعتبر عقدًا جديدًا، ويمكن أن يوجد بعض الأشباه والنظائر كما أشار إليه أستاذنا، ولكن يبدو أن هذا العقد لا يوجد مثله ولا تنطبق عليه الأحكام كلها الموجودة في الكتب الفقهية، إذن يجب فحص أركان هذا العقد وأمثاله مع أن هناك خلافًا في مصطلح الركن بين الأحناف وغيرهم، بغض النظر عن هذا الخلاف، لا بد أن ينظر إلى الصيغة والعاقدين ومحل العقد وموضوع العقد، يمكن أن يوجد هناك ملاحظات متعلقة بالصيغة والعاقدين لا يهم كثيرًا، محل العقد كذا. موضوع العقد، أي الغاية النوعية من العقد، هذه النقطة لازم أن يوقف عندها بجدية. هناك أثار ومؤلفات كثيرة، تدرس فيها نظرة الفقه الإسلامي إلى مبادئ الالتزام والموجبات، مثل نظرية الأجل، نظرية الشرط، الشكل، الربا، الغرر ......... الخ. إذن في نظري المتواضع، المهم فحص هذه الأركان، هل فيها خلل من ناحية المبادئ الشرعية؟ كما أشار إلى قسم منها فضيلة الدكتور سامي حمود؟ وأعتقد أن هذا العقد ليس العقد الوحيد الذي جاء أمام المجمع الموقر، والذي لم يحتل مكانًا خاصًا في الكتب الفقهية، ولم يظل عقدًا وحيدًا ينصف بهذه الصفة. إذن المنطلق دائمًا لازم يكون ذلك المنطلق الذي أشرت إليه، وأخيرًا أود الإشارة إلى نقطة وردت في كلام بعض الباحثين، وكذلك في كلام سيادة الرئيس المحترم – يوم الأحد – وهي قياس عقد النكاح على عقد البيع وأمثاله، والسيد الرئيس وجه سؤالًا إلى الأستاذ الفاضل القرضاوي – يوم الأحد – وحاول أن يقوم بالمقارنة، أو القياس، بين عقد النكاح وعقد البيع في مسألة الوعد، والوعد – طبعًا – متعلق بموضوعنا أيضًا، بينما الرئيس المحترم، لم يسمح لباحث – يوم السبت – أن يقوم بالقياس بين مسؤولية الدولة في مجال الفلاحة وفي مجال التربية والأسرة، إذن عقد النكاح له خاصية تتميز عن العقود الأخرى، ونحن نفتخر بأن الفقه الإسلامي هو متقدم جدًّا في إعطاء وتحقيق الحقوق الإنسانية، بينما اليوم حتى في الفقه الغربي الذي لم يعترف بهذه الحقوق على مر العصور، في الفقه الغربي يميز بين عقد في مجال الأسرة وفي عقد مجال الالتزامات، والفقه الإسلامي يمتاز بخاصية التمييز بين الولايةعلى النفس والولاية على المال، هذه نقطة هامة جدًا. والنقطة الأخيرة، القرآن الكريم هو الذي يصف بعقد النكاح ميثاقًا غليظًا، إذن عقد النكاح يترتب عليه نتائج وعقد البيع وأمثاله يترتب عليها أحكام مالية غير الأحكام التي تترتب على عقد البيع، لا شك أن هناك نقاطًا مشتركة بين جميع العقود، ولكن من ناحية النتائج لازم التمييز بين هذين العقدين. أشكركم على حسن انتباهكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>