الهدف من أو الدافع إلى هذه المعاملة: هو أن أحد الطرفين يريد أن يمتلك السلعة ولا يريد الإجارة، هذا هو هدفه الأساسي وغرضه، هو التملك وليس الإجارة. ولكنه لا يملك الثمن ليدفعه في الحال. فماذا يفعل؟ أمامه طريقان، أن يشتري السلعة بالتقسيط وهذا واضح، ولكن قد لا يرغب – صاحب السلعة – في أن تخرج السلعة من ملكه، إذا باعها بالتقسيط فقد خرجت من ملكه من أول الأمر، ودخلت في ملك الطرف الآخر، وله أن يتصرف فيها كما يشاء. وقد عرض حل لهذه الحالة من ضمن الحلول التي ذكرها الشيخ بن بيه، والتي هي بيع بات يمنع فيه المشتري من التصرف، وخرجه على مذهب المالكية، وهذه الصيغة معمول بها في بعض البنوك، لكن لا عن طريق اشتراط عدم التصرف، وإنما عن طريق تسجيل –وهذا في الغالب يكون رد في المساكن أو في العربات مثلًا – تسجيل المسكن تسجيله باسم البائع ضمانًا للسداد. وهذا تسجيل يمنع المشتري من التصرف، لا يستطيع أن يتصرف إلا بإذن ممن سجل العقار باسمه أو لمن سجلت العربة باسمه، وهذا معمول به في كثير من البنوك، وهو يغني عن اشتراط التصرف، الذي قد يكون فيه شيء من المخالفة في بعض المذاهب. أيضًا قد يكون المشتري هو الذي لا يريد أن تدخل السلعة في ملكه، ولذلك لا يشتريها بالأقساط وإنما يلجأ إلى التأجير، هنا لكي يتفادى غرامات وضرائب قد تترتب على انتقال الملكية له إذا اشترى بالتقسيط، وهذا يزيد من عبء الثمن عليه، هو سوف يدفع الأقساط وهو لم يمتلك السلعة ملكًا كاملًا ويدفع ما يترتب عليه من مطالبات تطلبها منه الدولة، فيلجأ إلى الإجارة المنتهية بالتمليك، والشيخ ابن بيه عرض عدة حلول أو صور، قال إن بعضها جائز وبعضها غير جائز، والشيخ المختار اقتصر على صيغة واحدة، هي الوعد بالهبة في صلب العقد، الوعد بالهبة في صلب العقد، هذا هو تعبير الشيخ ابن بيه وقال إنه غير جائز، حسب ما فهمت أن الشيخ المختار يقول إنه جائز وأنا معه في هذا، وأظن أن هنالك فتوى- فيما أذكر- صدرت من بعض العلماء للبنك الإسلامي للتنمية. الصورة التي ذكرها الشيخ ابن بيه منها وعد بهبة لاحقة، هذا غير عملي، هي حصلت الإجارة ولن يدخل معه، مثلًا إذا كان البنك يود أن يتعامل الشخص المستأجر هذا لن يدخل إلا إذا ضمن أنها ستوهب له. فكون الهبة لاحقة لا يمكن تطبيقه، أما الصورة الثانية وهي الإجارة من بيع لاحق بخيار، ويبدو أنه أيضًا يريد هنا أن يقول ما موجود في صلب العقد. يعني حصلت الإجارة مجردة، ثم بعد سنة أو سنتين أعطى صاحبة السلعة. المستأجر أعطاه الخيار، هذا أيضًا غير عملي، وإنما العملي هو أن يكون في نفس العقد في عقد الإجارة، ومعها البيع على أن يكون للمستأجر الخيار يشتري من السلعة كما شاء وحيث ما شاء، وهذه هي الصورة التي ذكرها الدكتور سامي وهي معمول بها أيضًا في بعض البنوك، ويطلقون عليها اسم (الإجارة والاقتناء) . المستأجر هذا يدفع جزءًا كإجارة وجزءًا قد يتفق عليه من أول الأمر، على أنه من الثمن وبقدر ما دفع يتملك، وينبغى أيضًا أن تنقص الأجرة تدريجيًّا، لأن هذا المستأجر سيمتلك في كل سنة جزءًا من العقار الذي استأجره، ويبقى الباقى على ملك صحابه فيكون هو المستأجر، وهذه الصورة لا أرى بها بأسًا، أما فسخ البيع إذا لم يفِ بالثمن بالصورة التي ذكرها الشيخ بن بيه، فلا أظن أن مالك العقار سيرضى بها، وستشجع المستأجرين على استغلال الأملاك، أجرت المنزل ودفعت الأجرة عشر سنوات ثم توقفت، فقال لي الشيخ بن بيه: افسخ البيع، ورد أجرة العشر سنوات التي أخذتها وخذ أرضك، من يقبل بهذا؟ لا يمكن أن يطبق هذا، ولذلك أرى أن الصور الممكن الأخذ بها هي الوعد بالهبة في صلب العقد، أو الصور الأخرى التي ذكرتها، وهي المعمول بها في بعض البنوك، هو بأن الإجارة مع إعطاء المستأجر الحق في أن يشتري من الشيء المستأجر ما يريد وشكرًا.