للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاتمة

بعد هذا البيان لودائع البنوك، وبعض الصور الأخرى لعقد القرض في معاملاتنا المعاصرة، أحب أن أقول: أن واجبنا كمسلمين أن نخضع معاملاتنا للإسلام، لا أن نخضع الإسلام لمعاملاتنا، فبدلا من أن نأتي إلى أعمال البنوك الربوية ونحاول تبريرها، ونبحث عن مخرج للحكم بحلها، فلنطالب بتطهير أموالها من الربا، وبتحويل البنوك كلها إلى بنوك إسلامية، ما الذي يمنع بنوكنا وشركاتنا من أن تصبح إسلامية أفليس الحلال الطيب الذي يأتي عن طريق الشركات التي أباحها الإسلام خيرا من الاتجار في الديون والتعامل بالربا؟

إن الدين عند الله الإسلام، فهل الإسلام عقائد وعبادات فقط؟ لقد شكلت لجان لبحث تطبيق الشريعة، فعلينا أن ننادي بتطبيق الإسلام في المعاملات، والمساعدة في بيان كيفية التطبيق لا أن نحل الأوضاع الربوية القائمة.

إن الصالح لمعاملاتنا هو تطبيق الإسلام حتى يتطهر مالنا ويزكو ويبارك فيه، بدلا مما نراه من المحق والسحق وذهاب البركة وغير ذلك من بعض مظاهر حرب الله لنا، ليس الصالح نابعا من عقيدتنا فحسب، بل أن النظر إلى الاقتصاد المجرد يثبت هذا وقد بين هذا الجانب كثير ممن كتب في الاقتصاد الإسلامي.

وأشير هنا على سبيل المثال إلى ما جاء في محاضرة لمدير أحد البنوك الربوية.

تحدث المدير عن مشكلة المدخرات النفطية، وذكر أن هذه المدخرات وصلت سنة ١٩٧٥ إلى خمسين (مليارا) في البنوك الأجنبية وعندما أضيفت إليها الفوائد وصلت سنة ١٩٧٨ إلى خمسة وستين.

ثم قال: أن ارتفاع الأسعار خلال السنوات الثلاث وصل إلى الضعف، أي أن المدخرات مع فوائدها قيمتها الحقيقية هي ٣٢.٥ فقط، ولو أن هذه المدخرات استثمرت بالفعل في مشروعات إنمائية لكانت القيمة الحقيقية للخمسين هي مائة. وقال بأن دولة واحدة – وهي السودان – يمكن أن تستوعب هذه المدخرات جميعها في مشروعاتها.

وهنا قال أحد رجال الاقتصاد الإسلامي:

هذا دليل اقتصادي على تحريم الربا، وعلى أن مصلحة المسلمين في الاستثمار بالطريق التي أحلها الإسلام. فقال مدير البنك: أن هذا لم يخطر ببالي من قبل!

من هذا نرى أن المصلحة الاقتصادية ذاتها ليست في التعامل بنظام الفائدة، وإنما في المشاركة في التنمية والاستثمار، غير أن هذه ليست مصلحة فقط، وإنما هي عقيدة ودين.

فلنتعاون جميعا في الدعوة إلى تطبيق الإسلام في معاملاتنا، بدلا من أن نثير شبها تكون عونا وسندا للمرابين.

ونسأل الله عز وجل أن يهدينا الصراط المستقيم، وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، إنه نعم المولى ونعم النصير، وهو المستعان، وله الحمد في الأولى والآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>