للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال المفسرين

وإليك بعض ما قاله المفسرون عن هاتين الصورتين للربا الجاهلي المحرم بالقرآن:

عن الصورة الأولى: قال ابن جرير الطبري: " قال قتادة: أن ربا الجاهلية، يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه. وعن زيد بن أسلم قال: إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن، يكون للرجل فضل دين، فيأتيه إذا حل الأجل فيقول له: تقضي أو تزيدني، فإن كان عنده شيء يقضيه قضى، وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك، أن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية، ثم جذعة، ثم رباعيا، ثم هكذا إلى فوق، وفي العين – الذهب والفضة – يأتيه، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضا، فيكون مائة فيجعلها إلى قابل مائتين، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة، يضعفها له كل سنة أو يعضه ". (١) وقال: عن عطاء قال: كانت ثقيف تداين بني المغيرة في الجاهلية فإذا حل الأجل قالوا نزيدكم وتؤخرون، فنزلت: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} . (٢) ويكاد يكون جميع المفسرين بعد ابن إسحاق قد تكلم بهذا المعنى عن هذه الصورة لربا الجاهلية.

أما الصورة الثانية لربا الجاهلية – المتمثلة في ربا القرض فقد ذكرها عدد من المفسرين عند تعرضهم لتفسير آيات الربا ونوردها فيما يلي نقلا عن كتابنا (الودائع المصرفية النقدية واستثمارها في الإسلام) ص (٢٦١) وما بعدها، (قال أبو بكر الجصاص في كتابه أحكام القرآن عند تفسيره لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} قال: والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استعرض على ما يتراضون به، هذا كان المتعارف المشهور بينهم، ولذلك قال الله تعالى: {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} فأخبر أن تلك الزيادة إنما كانت ربا في المال العين؛ لأنه لا عوض لها من جهة القرض) .


(١) ابن جرير الطبري، جامع البيان، ج ٧ ص ٢١٧ طبعة دار المعارف.
(٢) ابن جرير الطبري، ج ٧ ص ٢١٧ طبعة دار المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>