للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ علي المغربي:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين.

شكرًا سيدى الرئيس.

قد كان للحديث والبحث القيم الذي قدمه الأستاذ مختار السلامي، أثر مستوفٍ لجميع المسائل التي تتعلق بالبحث هذا، وتعرض فيه لقضية حرية البيع وهي الأصل، يعني أن التاجر يكون له الحرية المطلقة في أن يبيع بما شاء، ربح الكثير أو القليل، وهذا له الحق فيه، وعدم التدخل من طرف الحاكم، وذكر الأستاذ في الأخير تدخل الحاكم في التسعير، وذكر أن هناك أمما قوية، وأممًا ضعيفة وهو حق، فالأمم القوية لها نظامها ولها تراتيبها في أسواقها، والأمم الضعيفة هي دائما في حاجة إلى من يعيلها، وهي في حاجة أيضا إلى الأمم القوية لتكون لها سندًا في الغالب، ومن هنا أصبح تدخل الحكام في كثير من الحالات في بعض البلاد الإسلامية، وقد لا تكون جميعها، هناك قوي أن لم يكن كليًّا فهو في الغالب، وهذا التدخل قد يراد منه في أول الأمر أن المتدخل لتحديد السعر وتنظيم التجارة وتسييرها واستيرادها وتوزيعها قد يكون المراد منه إدخال كثرة البضاعة في السوق أو رخصها في السوق، ولكننا في كثير من الأحيان نجد القضية عكس هذين الأمرين، فكثيرًا ما يكون التدخل سببًا لفقدان السلعة، أو لزيادة قيمها في السوق، وهذا عائد إلى أن الذين يقومون بالمسئوليات هم الحكام، والحاكم أصلًا لا يجمع بين التجارة وبين الحكم، فإذا دخل الحاكم في التجارة فكثيرًا ما يكون سببًا لفسادها، وكثيرًا ما يكون هذا التدخل أيضا سببًا لفقدان السلعة سواء السلع المنتجة في البلاد أو السلع المستوردة، فالسلع المنتجة في البلاد كثيرًا ما يكون تحديد السعر لها سببًا لفقدها، لأن المنتج إذا رأى نفسه ينتج السلعة أو البضاعة أو إنتاج الفواكه أو الحبوب أو غيرها، ورأى نفسه إذا أراد البيع لا يبيع بما تكلفت عليه به السلع وتكلفت به عليه البضاعة، هناك يتأخر وربما ذلك التأخر يؤدي إلى نقصان السلعة في السوق، فيكون ذلك التحديد سببًا للضرر، هذه ناحية موجودة في كثير من البلدان، كذلك قضية تحديد الربح، قلنا هذا في السوق، الحقيقة هي أن التحديد هذا، تحديد ربح التاجر، وقد تعرض الأساتذة إلى أن هذا التحديد غير جائز لأنه لم يرد به نص في الشارع، وهذا صحيح، ولكن عندما ننظر إلى الذمم بين العصر القديم الذي كان في العهد الماضي عهد الصحابة وعهد السابقين الأولين وبين الذمم في العصر الحاضر، فهذه الذمم الموجودة الآن عند كثير من التجار أنهم لا يخافون الله، وإنما لا يريدون إلا شيئًا واحدًا وهو الربح الفاحش، والاستغلال الكثير في الأمم، فإذا كان المجمع ترك هذه القضية من دون أن يضع لها بحثًا، ومن دون أن يضع لها حلًا، فإن التاجر الذي يربح المرة والمرتين ضعف ما تكلفت عليه البضاعة، ونقول له: إن هذا حلال لك ومباح، لأن الشارع لم يضع لك حدا، فهو يقول: أنا أتصرف تصرفًا شرعيًّا مباحًا، لا حق لأحد أن يعارضني في هذا، ولهذا فالقضية هي قضية نظر إلى الضعفاء، إلى المستضعفين من أفراد الأمة، وإذا نظرنا إلى أن الربا حرمه الله؛ لأن فيه فائدة عن المال، وقد تكون قليلة، ولكن نظرًا إلى أنه أخذ شيئًا ليس من حقه ثم بعد ذلك نأتي إلى التاجر فنقول له: لك أن تربح الضعف أو الضعفين، وهو حلال لك، فهنا لا بد وأن ننظر أيضًا إلى قضية الأمة، خصوصًا الكثرة الكثيرة من أفراد الأمة هم في حاجة إلى العون، وفي حاجة إلى النظر إليهم في هذه القضية، ولهذا فإن القضية هذه نرجو من المجمع الموقر أن ينظر فيها، وكثير من التجار من لهم إيمان، يسألون هذا السؤال ويقولون، ما هو المقدار الذي يمكن لنا أن نقف عنده؟ هل هو الثلث، أو النصف، أو المقدار؟ أعطونا مقدارًا، ولكن المسئول غالبًا ما دام ليس هناك نص محدد، لا يستطيع أن يقول له: قف عند هذا المقدار، وإنما نقول له: كن مؤمنا صالحًا، والإسلام يقول: " لا ضرر ولا ضرار " فلا تضر نفسك، ولا تضر بغيرك وشكرًا لكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>