للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دكتور محمد عثمان شبير:

بسم الله الرحمن الرحيم

بالنسبة لموضوع تحديد أرباح التجار من الموضوعات التي التبس الأمر فيها على الباحثين، فبعضهم تناول الموضوع من حيث السياسة الإسلامية للسوق الإسلامي، فبين الآداب الإسلامية التي ينبغي أن يراعيها التاجر في تجارته، ونظرية العرض والطلب، وغير ذلك، وبعضهم تناول موضوع " التسعير " وبعضهم تناول موضوع " المرابحة " وهكذا، فلذلك ينبغي على المجمع الموقر قبل أن يكلف الباحثين بكتابة موضوع في الموضوعات أن يضع خطة عمل أو خطة بحث للموضوع فإذا كان الموضوع من الناحية الاقتصادية فينبغي أن يشترك في هذه الخطة باحث اقتصادي وباحث شرعي.

الرئيس:

أعطونا ذات الموضوع يا شيخ، أما توجيه المجمع فالمجمع هو أدرى بأموره، فقط أعطونا ذات الموضوع، عندكم شيء أعطونا إياه.

دكتور محمد عثمان شبير:

هذه بعض الملاحظات، الملاحظات التي تتعلق بالموضوع، بالنسبة للتسعير إذا أردنا بالتسعير أو إذا أردنا بأرباح التجار أو تحديد أرباح التجار التسعير، فإن هذه القضية فرع عن أصل، والأصل هو الذي تكلمنا عنه بالأمس وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، فالمشاكل الاقتصادية التي يقع فيها المسلمون اليوم هي نتيجة الهيمنة الاقتصادية الغربية الرأسمالية على السوق الإسلامية العربية، فالتجار ليس لهم إلا أن يتبعوا تلك السياسة الرأسمالية، والسياسة الرأسمالية سياسة احتكارية تقوم على المنافسة غير الأخلاقية، وغير ذلك، ولذلك ليس للتاجر العربي أو المسلم إلا اتباع تلك السياسة والسير في ركاب هذه السياسة، فينبغي أن تكون دراسة الموضوع من الأصل ومن الأساس، والتسعير الذي تكلم عنه الفقهاء في زمانهم هو تسعير في مجتمع إسلامي، وفي دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية، وتطبق الآداب الإسلامية، والأحكام الشرعية والعقيدة الإسلامية، وغير ذلك، والتسعير عند فقهاء المسلمين معدود من السياسة الشرعية، فالسياسة الشرعية يختلف حكمها تبعًا لاختلاف الأزمان والأمكنة والأعصار، فالنبي صلى الله عليه وسلم حرمه أو منعه؛ لأن الوقت أو لأن الظرف في ذلك الوقت لا يقتضي وجوب التسعير، لكن في بعض الأوقات اقتضى وجوب التسعير، فلا مانع، فالتسعير ليس أصلًا عامًّا نقول فيه بالحرمة أو بالجواز، وإنما هو حكم يتغير بتغير الزمان والمكان، وإذا أردنا بتحديد أرباح التجار وضع سياسة اقتصادية يتبعها التاجر المسلم، فأقول: إن التاجر المسلم عمله في التجارة رسالة ودعوة كالمعلم في المدرسة وفي الجامعة، فالمعلم يلتزم بأخلاقيات الإسلام في عمله، والتاجر يلتزم بأخلاقيات الإسلام في تجارته، ولذلك كثير من الدول فتحت بالتجار ولم تفتح بالسيف فتحت بالأخلاقيات، وأخلاقيات التاجر المسلم كما هو معروف لديكم ولذلك إذا أردنا أن نضع قواعد تتعلق بأخلاقيات التاجر المسلم وما ينبغي أن يراعيه في هذا الموضوع فأرى أن يوسع هذا البحث، وأن يقارن بين المنافسة غير الأخلاقية الموجودة في المجتمع الحالي، ويبين زيفها، وعوارها، وغير ذلك، وأن يطرح الموضوع من باب أوسع، وسبحانك اللهمَّ وبحمدك.

<<  <  ج: ص:  >  >>