إلى أن قال: والمتبدلة: منها ما يكون متبدلًا من حسن إلى قبح، وبالعكس، مثل كشف الرأس: فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع فهو لذوي المروءات قبيح في البلاد الشرقية، وغير قبيح في البلاد الغربية.
فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحا في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح بالعدالة.
ومنها ما يختلف في التعبير عند المقاصد: فتنصرف العبارة عن معنى إلى معنى عبارة أخرى.
إما بالنسبة إلى اختلاف الأمم كالعرب مع غيرهم.
أو بالنسبة إلى الأمة الواحدة، كاختلاف العبارات بحسب اصطلاح أرباب الصنائع في صنائعهم مع اصطلاح الجمهور.
أو بالنسبة إلى غلبة الاستعمال في بعض المعاني حتى صار ذلك اللفظ إنما يسبق منه إلى الفهم معنى ما، وقد كان يفهم منه قبل ذلك شيء آخر أو كان مشتركًا فاختص، وما أشبه ذلك.
والحكم أيضًا يتنزل على ما هو معتاد فيه بالنسبة إلى من اعتاده فيه بالنسبة إلى من اعتاده دون من لم يعتده وهذا المعنى يجري كثيرًا في الأيمان والعقود والطلاق كناية وتصريحًا.
ومنها ما يختلف في الأفعال في المعاملات ونحوهما كما إذا كانت العادة في النكاح قبض الصداق قبل الدخول، أو في البيع الفلاني أن يكون بالنقد لا بالنسيئة، أو بالعكس، أو إلى أجل كذا دون غيره.
فالحكم أيضًا جار على ذلك حسبما هو مسطور في كتب الفقه.
وقال العز بن عبد السلام:
فصل: في حمل الألفاظ على ظنون مستفادة من العادات لمسيس الحاجة إلى ذلك، وله أمثلة:
أحدهما: زفاف العروس إلى زوجها مع كونه لا يعرفها، فإنه يجوز له وطؤها؛ لأن زفافها شاهد على أنها امرأته لبعد التدليس في ذلك في العادات.
المثال الثاني: الأكل من الهدي المنحور المشعر بالفلاة جائز على المختار لدلالة النحر والإشعار القائمين مقام صريح اللفظ على البذل والإطلاق.
المثال الثالث: الدخول إلى الأزقة والدروب المشتركة جائز للإذن العرفي المطرد فيه.