للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الفيروز آبادي: " العُرْف اسم لكل فعل يعرف بالشرع والعقل حسنه. والعرف: المعروف من الإِحسان" (١) .

وقال ابن الأثير: "المعروف: اسم جامع لكلَّ ما عُرِفَ من طاعة الله والتقرب إليه والإِحسان إلى الناس، وكلّ ما نَدَب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات، وهو من الصفات الغالبة، أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه" (٢) .

المبحث الثاني

تعريف العُرْف في اصطلاح الفقهاء والقانونيين

نقل ابن عابدين عن النسفي الفقيه الحنفي أنَّه عرَّف العُرْف في كتابه "المستصفى" بقوله: "العادة والعُرْف ما استقرَّ في النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول " (٣) .

وفي هذا التعريف نقص – كما يقول الدكتور عبد العزيز الخياط – لأنَّ التعريف ردَّ العرف إلى قبول الطباع السليمة، واعتمد على شهادة العقول، وفي إِطلاق قبول الطبائع لأمر ما ليصبح متعارفًا عليه نظر، إذ ليس كلُّ ما قبلته الطبائع يعدُّ عرفًا، وفي تحديد "السليمة" نظر أيضًا، إذ أنَّه يحتاج إلى جهة تميز بين السليم فيها وغير السليم، والحسن والقبيح، ولا جهة تعين ذلك إِلا الشرع أو العقل عند من يقول بتحسين ما يحسنه وتقبيح ما يقبحه، والعقل يتفاوت عند الناس، ومدى الإِدراك يتأثر بحسب الأزمنة والأمكنة، فتختلف الأعراف عندئذٍ، فلم يبق إِلا تحديد الشرع، وإِذا جعلنا الشرع محدَّدًا فيكون مقتصرًا على العرف الصحيح، فلا يشمل الأعراف الفاسدة، لأنَّ الشرع قبحها، ولا تقبلها الطباع والعقول السليمة" (٤) .

والتعريف المُرْتَضَى للعرف ما عَرَّفه به الشيخ عبد الوهاب خلاف، فإنَّه قال في تعريفه: "هو ما تعارفه الناس، وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك" (٥) .

وقريب من هذا التعريف تعريف الدكتور عبد العزيز الخياط، فإنَّه قال في تعريفه: " العرف ما اعتاده الناس، وساروا عليه في شؤون حياتهم" (٦) .


(١) بصائر ذوي التمييز: ٤ /٥٧.
(٢) النهاية، لابن الأثير: ٣ /٢١٦.
(٣) نشر العرف، لابن عابدين؛ مجموعة رسائل ابن عابدين: ٢ /١١٢- وعزو هذا التعريف إلى مستصفى النسفي هو الحق، وقد وهم كثير من الباحثين في هذا الموضوع فعزوه إلى مستصفى الغزالي.
(٤) نظرية العرف، للدكتور عبد العزيز الخياط: ص ٢٤.
(٥) علم أصول الفقه، لعبد الوهاب خلاف: ص ٩٩.
(٦) نظرية العرف: ص ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>