للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أود أن أبين أننا لسنا في حاجة، والحاجة هنا منتفية إلى المصارف الربوية، منتفية تمامًا بل أن العالم يعاني، وأود أن أبين حيلة عالمية في المصارف العالمية. لمعلومكم موجودات المصارف العالمية الآن هي ديون على الناس، عاجزين هؤلاء الناس على الوفاء بها، فعندما تعمل الميزانيات، المحاسبون القانونيون يعتبرون الدين ميتًا إذا كانت لا تسدد عليه الفوائد. وأكثر المدينين ليس عندهم هذه الفوائد لتسديدها، عملوا لهم حيلة، قالوا: نقرض لكم الفوائدوتسددونها لنا حتى المحاسبون القانونيون يعتبرون بأن ما عندنا من ديون على المدينين ديون محترمة، يقدر الدائنون الوفاء بها بدليل أن الفائدة تدفع، والفائدة في الحقيقة هى قروض أيضا تعطى لهم ثم يعيدونها للبنك تسديدًا عما عليهم من فوائد، فهذه في الحقيقة مصداق لقوله تعالى {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ، ثم أود أن أبين مسألة، لو أن المسلمين أصحاب رؤوس الأموال يلتزمون بدينهم ولا يرابون ولا يضعون الأموال حبيسة في البنوك الأجنبية لاضطرهم ذلك إلى استثمارها في البلاد الإسلامية، وعدم استثمارها في البلاد الإسلامية، جعلها موجودة سجينة في البنوك الأجنبية مما أدى إلى الحروب الناشئة في بلادنا، لأن أصحاب المصارف الأجنبية عندما رأوا هذه الأموال الطائلة العظيمة قالوا: لو أراد أصحابها أخذها ونحن لسنا بقادرين على إرجاعها ماذا نعمل إما أن نفلس، نعلن إفلاس اقتصادنا أو أننا نجمد هذه الأموال؟ فكلا الحالتين مضر بنا، إذن نجعل في بلادهم الفتن والحروب حتى عن طريق الفتن والحروب يستوردون منا آلة الحرب التى تكلفهم بأرخص الأثمان ويبيعونها علينا بأغلى الأثمان لابتزاز أموالنا فهنا يأتي تفسير قوله تعالى {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فأذنوا، هل لنا طاقة في حرب مع الله ورسوله، الحرب القائمة الآن هي حرب مع الله ورسوله، أسبابها الربا وأسبابها إيداع أموالنا في البنوك وفي البنوك الأجنبية، وللأسف هذه الحروب امتصت هذه الأموال، لا أريد أن أقول أكثر مما قلت كإنسان أعايش تلك المسألة، ثم إننى في الحقيقة تورطت في السابق وكنت من مؤسسى بنك ربوي وعملت على أموال وهمية لا وجود لها مجرد قيود حسابات، تبت إلى الله سبحانه وتعالى وأعلنت التوبة ثم أردت أن أكفر عن ذنبي بالدعوة إلى المصارف الإسلامية التى عن طريقها نستقل استقلالًا تامًا في جميع الميادين، ثم كنت عضوًا في البنك المركزى الكويتى على أساس معارض لعنصر الفائدة فقيل: كيف تجعلونه عضوًا وهو يعارض؟ قالوا: نحن نريده أن يثبت هذا، ثم بعد أن صار من التزامات المصرف الكويتي بنك التنمية من أعماله ومن مهامه تحديد الفائدة قدمت استقالتي أيضا وأود أن أبين في الحقيقة بأن الأجانب عندما لايريدون لنا تطبيق الشريعة الإسلامية هم ليسوا بذلك حريصين على يد السارق تقطع، أو شفوقين على عنق قاتل يقتل، إنما يعلمون تمام العلم بأن المسلمين إذا طبقوا شريعتهم وأقاموا الحدود، طبقوا شريعتهم في الميدان السياسي والاجتماعي والأخلاقي والسلوكي والاقتصادي فإذا طبقنا شريعتنا الإسلامية في جميع هذه الميادين صرنا قادة وصرنا أصحاب الريادة، فلذلك لا يريدون منا أن يبعدونا عنهم ويريدون منا أن نقلدهم في كل شئ، فنحن أمة إسلامية متميزة لها عقيدتها ولها كيانها ولها تاريخها ولها أمجادها فيجب علينا أن نتمسك بعقيدتنا وألا تخور عزائمنا وأن ننطلق كما انطلق الصحابة الأوائل عندما قال لهم المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((أول ربا أبدأ به ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب قالوا: سمعًا وطاعة)) ، نحن أمة نحتاج إلى إيمان، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>