بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.
العرف هو موضوع هذه الجلسة، وقد قدم فيه إحدى عشر بحثًّا، والعارض لها هو الشيخ خليل الميس، والمقرر الشيخ عمر بن سليمان الأشقر.
الشيخ خليل محيي الدين الميس:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وبعد:
العرف من المباحث التي تجذرت أصوليًّا، وتوزعت فروعه على غير باب من أبواب الفقه، وشأنه بذلك شأن مصادر التشريع التبعية حيث اختلف في حجيتها، فاختلف الأقوال بالتالي في أحكام المسائل المتفرعة عليها، وإنني أسوق عرضًا موجزًا لأبحاث أصحاب الفضيلة.
أبدأها ببحث فضيلة الشيخ محمد علي التسخيري: والذي جاء في أربع صفحات فقط مقتصرًا على تعريف العرف وتقسيماته إلى عام وخاص، وقولي وفعلي، وصحيح وفاسد، ثم ذكر مجالات العرف الأربعة ليصل إلى تساؤل، هل العرف أصل قائم برأسه؟. ثم أجاب بقوله: إنه لا يشكل أصلًا قائمًا برأسه في قبال الأصول الفقهية الأخرى. وعرض لمقالة ابن عابدين والتي يفهم منها ميله إلى اعتبار العرف دليلًا مستقلًا. ثم أورد الأدلة على ذلك، وخلاصة قوله، إن العرف ليس أصلًا من أصول الفقه، وإنما يرجع إليه في بعض المجالات للكشف عن السنة وتشخيص المرادات. هذا ما تمكن تلخيصه من بحثه، ثم نصل إلى بحث الدكتور محمد عطا السيد أحمد: ويقع في خمس صفحات، بدأه بالعرف اللفظي أو القولي، وأنه يعتد به متى كان عامًّا لبلد أو قوم، وأما أن كان خاصًا بالمتكلم حمل لفظ على عرفه الخاص عند المالكية كما قال في الأيمان والنذور والطلاق وغيره. والعرف العملي، ذكر مذهب الإمام مالك رضي الله عنه في المسألة، ثم قسم العرف إلى فعلي أي الخاص بفرد، وذكر عدم الاعتداد به، ثم العرف الجاري بالترك، كترك الثمر والتسامح بها أي على الشجر، ثم عرض لحجية العرف وذكر كلًّا من قولي أبي سنة والمرحوم أبي زهرة، ثم مقالة العز بن عبد السلام، بأن الأيمان مبنية على العرف، فمقالة ابن عابدين بأن كل ما ورد به الشرع مطلقًا، ولا ضابط له ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف، ثم قسم العرف إلى ثلاثة أقسام، أولًا: ما يقوم الدليل الخاص على اعتباره، كالكفاءة. ثانيًا: ما يقوم الدليل على نفيه، كعادات الجاهلية. ثالثًا: ما لم يقم الدليل على اعتباره أو نفيه. ثم عرض للعرف الفاسد وأنه لا يراعي، وذكر قاعدة تغير الأحكام ودورانها مع أعراف الناس، مستدلًا بمقالة ابن القيم في المسألة. وانتهى في آخر بحثه إلى القول هو أن العرف أصل من الأصول التي يستند إليها في الوصول إلى الفتوى بشروط ومواصفات تعرف في أماكنها.