أورد النصوص من كتب مذاهب الأئمة الأربعة على حجية العرف، منهم ابن عابدين من الحنفية، وابن حجر من الشافعية والطرطبي من المالكية، وابن القيم من الحنابلة، وعقب على ذلك كله بالقول: وبناء على ذلك تقرر في التشريع والفتوى والقضاء أن العادة محكمة، وأن استعمال الناس حجة يجب العمل بها. قال: وللعلماء في تحديد طبيعة العرف مسلكان، الأول: يعتبر العرف دليلًا مستقلًّا يمكن أن يستفاد منه أحكام شرعية، والآخر لا يسلم بهذا الاستقلال، بل يرد العرف إلى دليل آخر ثبت لديه كالاستصناع عند الحنفية، وعمل أهل المدينة عند مالك رضي الله تعالى عنه.
رد العرف إلى الاستحسان كوقف المنقول، ورد العرف إلى المصلحة أو إلى دليل الاستصلاح.
القوة الملزمة للعرف:
الدليل على حجية العرف: عرض لمذاهب كل من الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية في التحسين والتقبيح، أو هل للعقل استقلال بإدراك حكم الله تعالى أم لا؟.. ثم وصل به الكلام إلى وظائف العرف وعد منها:
ثالثًا: العرف المخالف للتشريع: سواء خالف النص من كل وجه فلا اعتبار له، أما إن أمكن التوفيق بينهما فأكثر الفقهاء على اعتباره كمذهب مالك في آية الرضاع.
مخالفة العرف لحكم اجتهادي كجواز الاستئجار على تعليم القرآن الكريم: قاعدة تغير الأحكام بتغير الأزمان، بين مضمونها وذكر بعض التطبيقات عليها، منها الطلقات الثلاث كانت واحدة وأمضاها أمير المؤمنين عمر – رضي الله تعالى عنه – ثلاثًا، وتابعه الصحابة على ذلك، حديث الأصناف الستة المشهور (الكيلي والوزني منها) ، ثم تغير بعضها من الكيلي إلى الوزني، وإن العمل بالتغيير عمل بالاستصحاب كما قال.
رابعًا: التطور التشريعي للعرف، فيه مبحثان:
- إحياء الأعراف المحلية.
- انتشار حركة التقنين.
وعزا إحياء الأعراف المحلية إلى خلو بعض الأقاليم النائية من التنظيم القضائي، والاستعمار الغربي في بلاد الإسلام، وعرض لأحوال شبه القارة الهندية وشمال أفريقيا وجزر الهند الشرقية، ثم عرض للتقنينات الحديثة والعرف، وكيف أن العرف احتل المركز الثاني يلجأ إليه القاضي عندما لا يجد نصًّا تشريعيًّا. وبعضهم جعله في المرتبة الثالثة، وأنه يشترط لتطبيقة عدم المخالفة للنظام العام. وفي الخاتمة، قال: إن الشرع الإسلامي يحمل في طياته بذور نمائه وأحكامًا يمكن أن تتسع لمواجهة الأوضاع المستجدة دون أن تفقد خصائصها المميزة.