بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أرجو أن يعذرني أصحاب الفضيلة، الذين قدموا الأبحاث الثلاثة تحت عنوان يغاير المضمون، العنوان هو (تطبيق الشريعة الإِسلامية) ، تصورت أن المضمون هو أن يطالب المجمع بتطبيق الشريعة الإِسلامية، يطالب الحكام وولاة الأمر، ويدلل على ذلك بالقرآن والسنة، فإذا بالموضوعات الثلاثة، تخلو من هذه الدعوة وهذا الطلب وهذا الوجوب، وإذا بها تبحث أو تطلب أن تقنن الشريعة الإِسلامية، يعني البحث الثالث الذي قدمه سعادة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان يطالب فيه تقريبًا بتقنين الشريعة، بتوضيحها، بإثبات قواعدها للشعوب الإسلامية، لكن التصور الأول كما قلت: إنه المطلوب هو تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد العربية والإِسلامية، لا بد أن يتضمن البحث المقدم للمجمع وجوب التطبيق قرآنًا وسنة، والاستدلال بالآيات القرآنية الواردة في ذلك، والأحاديث النبوية الواردة في ذلك، وأن تذكر معارضات الذين عارضوا في تطبيق الشريعة الإِسلامية في مصر، في السودان، في باكستان، الآن هناك نزاع وصراع كبير في مصر وفي السودان وفي باكستان، حيث بدأت الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإِسلامية في مصر، فقابلها العلمانيون بكتب ومؤلفات ومقالات، وانعقدت ندوات في مصر بين العلمانيين وبين الشرعيين، وكما ذكر الأستاذ عطا، في السودان الآن بدأ بتطبيق الشريعة أجزاء منها في عهد النميري، ثم ألغيت بما سمي قوانين سبتمبر، والآن يلقى المسلمون في السودان أو دعاة تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان مقاومة عنيفة من الوثنيين أو غير المسلمين، فأنا ما أتصور أن الأبحاث التي قدمت تخلو من الدعوة إلى إقامة الشريعة الإسلامية، الدعوة كما أوضحها الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان – هي دعوة إلى تقنين الشريعة الإِسلامية، إلى تقعيد قواعدها، لكن نحن هنا فهمنا أن المطلوب أو المنتظر بحثه هو دعوة ولاة الأمر في المجتمعات الإِسلامية إلى ضرورة تطبيق الشريعة الإِسلامية، ويجب ألا ننتظر أن تطبق الشريعة الإسلامية على الشعوب، عن طريق الكتب والمؤلفات والمحاضرات والندوات والمجامع، إذا لم يطبق الرأس الشريعة الإِسلامية، لا ننتظر من الأعضاء تطبيق الشريعة الإِسلامية، فإذا كان للمجمع عمل منتظر – كا يرجو الأستاذ عطا في كلمته – إذا كان للمجمع عطاء منتظر، فهو الدعوة الصريحة لحكام المسلمين بتطبيق الشريعة الإِسلامية، والاستدلال على ذلك بالآيات القرآنية التي جاءت في سورة المائدة:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} , {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} , {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فالله عزَّ وجلّ هنا جمع الكفر والظلم والفسق على من لم يحكم بشريعته. وهناك آيات أخرى تعلمونها أيضًا:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، إلى آخر آيات كثيرة لا نحصيها في هذا التعليق الوجيز وأحاديث أخرى أيضًا وآراء للعلماء السابقين واللاحقين.