للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمين العام:

بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أشكر لأخي الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان عرضه الدقيق الوجيز، وهو دقيق لأنه تناول العناصر وأحاط بها، وهو وجيز لأن الوقت لا يسمح بأكثر من هذا، وأشكر الأستاذ عطا السيد تأكيده على هذا الموضوع، الذي يقتضي منا موقفًا عمليًّا في هذا المجتمع الذي نعيشه، وفي هذه الفترة من حياتنا كأمة إسلامية، وأشكر للأستاذ أحمد جمال على هذه الملاحظات الطيبة، ولكني أدعوه قبل إصدار حكمه على الدراسات أن يقرأها، وهي كما ترون لم تصلنا إلاَّ الآن، وما كنا نتصور أننا سنتحدث عن هذا الموضوع الليلة، كان البرنامج أنه سيعرض بعد غد أو على الأكثر غدًا، فأنا أريد أن أطمئن أستاذنا أحمد جمال، إلى أن القضايا التي أشار إليها جميعها قد بحثناها وتعرضنا لها، وهي موجودة، ذكرنا المراحل التي مرت بها الأمة الإِسلامية، واحتكامها إلى كتاب الله وسنة رسوله، والتزامها بشريعتها، حين كانت الأمة الإِسلامية غير ممزقة بين عقيدة تؤمن بها وشريعة تتحلل منها، ثم رأينا أن نشير إلى التغير الجذري الذي وقع تدريجيًّا في مجتمعاتنا الإِسلامية، بسبب التدخل الأجنبي الذي حكم العالم الإِسلامي، وركز للقوانين الوضعية وجودها، حتى أصبح كل الناس منصرفين عن الشريعة الإِسلامية، ومحتكمين إلى هذه القوانين الوضعية، إلاَّ في مسائل معدودة، ثم ذكرنا هذه الحملة الشنيعة التي نجدها في بيوتنا، في دورنا، في أوطاننا، في كل رقعة من أراضي العالم الإِسلامي، ونجدها في أوروبا وفي أمريكا، وهي متظاهرة مع بعضها، تريد أن تقضي نهائيًّا على الفكر الإِسلامي وعلى التشريع الإِسلامي، على التشريع الإِسلامي في الدولة، وعلى التشريع الإِسلامي في القضايا العامة المدنية والجزائية والأحوال الشخصية وما إليها، هذه الحركة المدبرة كانت تعتمد آراء بعض المستشرقين مرة، وهم يجهلون الفقه الإِسلامي، وتعتمد السياسة التوجيهية الاستعمارية في البلاد الإِسلامية، والتي تدعو إلى التخلص من هذه الأشياء التي تريد باسم الدين أن تحكم كل شيء، وأقام العلمانيون منهجهم على التذكير بالفصل بين الدين والدولة، ويقولون: إن المسيحية تخلصت من هذه الأشياء، وأصبحت تكل إلى الناس ما يعنيهم، وتكل إلى اللاهوت ما يتصل به من عبادة فقط، ولذلك ينبغي أن نكون أحرارًا في حياتنا العملية، لا نخضع لما يأتينا من فوق، فوقع الردّ على كل هذه الاتهامات، وعلى كل هذه الاتجاهات، ووقع بيان خطرها على الإسلام وعلى المجتمع الإِسلامي، والرد على من يتهم الشريعة الإِسلامية بالجمود، وعلى من يتهمها بعدم مسايرة العصر ومواكبة المراحل الحضارية التي نعيشها، فالإطار الذي بحث فيه الموضوع – هو كما تفضلتم – دعوة صريحة إلى تطبيق الشريعة، ونريد من هذا أن ننتهي إلى قرار في الالتزام بأحكام الشريعة، كلنا يعلم بأن البلاد الإِسلامية المتعددة، بعضها يجعل في دستوره، القول بأن الحكم في هذه البلاد يستمد أصوله من الشريعة الإِسلامية، والآخر يقول: نحن نُحَكِّم الشريعة الإِسلامية، لكن في الواقع العملي لا تحكيم ولا استمداد ولا التفات إلى الشريعة الإِسلامية ولا إلى أصولها، فكيف الطريق إلى معالجة هذا؟ أنا أعتقد أن هناك مراحل ومشاكل عديدة، من أولها حالة الفكر عند المسلمين، حالة الفكر في المجتمعات الإِسلامية، الفكر عند الشباب اليوم، الشباب الذي انتزع منا، الذي وقع التغلب عليه بألوان الدعاية، بالجامعات الغربية، بالاتجاهات الفكرية الهدامة، في الحركات الهدامة التي كانت في الماضي هي أقل شرًّا من الحركات الهدامة الموجودة في عصرنا الحاضر. هذا يدعو إلى معالجة الوضع وإلى التنبيه على الأخطاء، لنرد شبابنا إلينا ومجتمعاتنا إلينا، ثم بعد ذلك نوصيهم بالطريق الذي ينبغي أن نسلكه، لتحقيق تطبيق هذه الشريعة، الذي ندعو إليه ونقرره كمجمع، هذه كلمة مختصرة ولعلكم سيدي تستطيعون بوقوفكم على البحث أن تجدوا بعض ما يتطلبه الوضع من عناية بمشاكل معينة. وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>