فكون الشهر تسعًا وعشرين ليس قاعدة وإنما هو مرتبط بالرؤية ومجمل الحديث عندي أن اليمين تحمل على الأرفق وأقل المحامل إذا احتملت أكثر من مستوى. وهذا الحديث رواه مسلم عن جابر كما قالت عائشة فالأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وردت باللفظ:((صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)) ووردت بالإشارة ((الشهر هكذا وهكذا وعقد أصبعه في الثالثة)) وإذا لم ير الهلال فالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلف لفظه فروي ((فإن غم عليكم فاقدروا له)) . وروي ((فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا)) وفي رواية ((فإن عفي عليكم فاكملوا العدد)) وفي رواية ((فإن عمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين)) وفي رواية ((فإن اغمي عليكم فعدوا ثلاثين)) وفي رواية ((فإن غبي عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين)) .
كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا)) .
الروايات كلها متقاربة وحداتها الأصلية.
١- إن رؤية الهلال عند غروب شمس يوم التاسع والعشرين توجب تمام الشهر وبداية الشهر الجديد إذ أن اليوم يبدأ من غروب الشمس.
٢- أنه إذا لم ير الهلال ليلة الثلاثين وَرَدَ الأمر باتمام العدد مرة وباتمام ثلاثين يومًا في بعض الأحاديث وبقوله ((فاقدروا له)) .
٣- أنه ربط في بعض الروايات بين هذا الضبط وطريقة إثبات الشهر وبين المستوى العلمي الذي كان عليه أهل الجزيرة العربية في قوله صلى الله عليه وسلم ((نحن أمة أمية)) وفي رواية البخاري ((إنا أمة أمية)) وما حمله عليه بعضهم من أنه يعني نفسه موجهين ذلك بقوله تعالى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} أن هذا المحمل بعيد إذ ما عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عن نفسه نحن. ولأنه ما كان يبين حكمًا خاصًا به وإنما كان يبين حكمًا يعم صحابته رضوان الله عليهم إذ طريقة معرفة دخول الشهر حكم يشمل كل المسلمين.